كما أن أمره أمره ، وقضية ذلك أنه لا يصل اليه من ثواب العمل شيء بل الى المنوب عنه خاصة. نعم إذا نوى القربة في أصل النيابة كان له ثواب امتثال الأمر الندبي المتعلق بالنيابة.
( ورابعها ) ان النيابة كسائر المعاملات أمر توقيفي لا بد من ثبوت شرعيتها شرعا ولو امضاء كما أشرنا اليه ، ولذا لا تصح النيابة في بعض العبادات كالطهارة والأغسال المندوبة لعدم ثبوتها فيها ، بخلاف البعض الأخر كالزيارة والصلاة والتلاوة وطريق الإمضاء بنحو القول بأن من ناب في عمل كذا عن آخر وصل اليه ثوابه ، وهو واضح.
ومن طريق الإمضاء الأمر بها والتصريح باستحبابها ، لان استحباب النيابة ليس الا لكونها صلة وإحسانا ، وكونها كذلك يتوقف على صحتها والألم تكن كذلك. وإذا دل دليل على استحبابها في شيء دل دلالة عقلية التزامية على صحتها وترتب الأثر عليها ، وهو وصول ثواب العمل ان كان عبادة أو فائدته ان كان غيرها الى المنوب عنه ، بخلاف استحباب سائر المعاملات ، كاستحباب البيع مثلا ، فإنه لا يدل عقلا على صحته الا من جهة أخرى خارجة عما ذكرنا ، وهي دعوى أن الشارع لا يحكم بصحة معاملة فاسدة ـ فافهم.
( وخامسها ) ان التبرع شرط في استحباب النيابة للعبادات التي ثبت شرعيتها فيها ، لقصور الأدلة عن الدلالة على استحبابها مطلقا ولو مع أخذ الأجرة ، لو لم تكن صريحة أو ظاهرة على اشتراط التبرع وليس شرطا لصحة النيابة بل لا يعقل أن يكون شرطا لها ، لأن النيابة قبل اتصافها بالصحة لا تتصف بالتبرع ولا يصدق عليها جدا ، لأن النيابة المجردة عن ملاحظة صحتها وترتب أثرها ـ أعني إيصال النفع والثواب الى المنوب عنه ـ ليس عطاء لشيء على الغير بل هو لغو صرف.