بذلك الفعل العبادي المنوب فيه أو لعدم قصد القربة مع الالتفات الى حكمها التكليفي باعتبار كون الداعي إليها أمرا خارجا عن الرجحان الشرعي كأخذ الأجرة أو ملاحظة الصداقة أو نحو ذلك.
والحاصل ان وقوع القربة لا ينافي وقوع الفعل المنوب فيه متقربا به ، فينوي النائب في الصلاة مثلا أنه يصلي متقربا الى الله تعالى نيابة عن زيد مثلا.
لا يقال : ليس القربة إلا كون الداعي إلى الصلاة أمر الله تعالى ، وكون الداعي أمر الله كيف يجامع كون النيابة في فعل الصلاة لأخذ الأجرة أو ملاحظة الصداقة مثلا.
لأنا نقول : ان توهم المنافاة بينهما نشأ من الغفلة عما بينا من معنى النيابة ، لأنك إذا فرضت النيابة فعلا والمنوب فيه فعلا آخر اندفع التوهم جدا ، لان اختلاف الدواعي إنما يمتنع مع اتحاد الفعل لا مع تعدده. وكون الفعل الخارجي لا تعدد فيه ، قد عرفت أنه غير قادح ، لأن أحد الفعلين ـ وهو النيابة ـ فعل قلبي يعبر عنه بالتنزيل في النفس وليس بفعل خارجي ، وانما الخارجي المنوب فيه.
وبالجملة إذا حصلت النيابة صار النائب بمنزلة المنوب عنه ، فيتوجه إليه الأمر الذي كان متوجها الى المنوب عنه ، فان كان المنوب فيه من تكليفات المنوب عنه خاصة كالصلاة عن الميت فتوجه الأمر إلى النائب حينئذ واضح ، وأما إذا كان مشتركا بينه وبين النائب في المطلوبية ـ كالزيارة وتلاوة القرآن حيث أن النائب مأمور بالأمر الندبي بهما نحو مأمورية المندوب عنه ـ فاذا قصد النيابة توجه إليه أمر المنوب عنه أيضا.
فخاصية النيابة في العبادات إثبات أمر المنوب عنه في حق النائب ، وبعد ذلك يتقرب بذلك الأمر كأنه يتقرب به المنوب عنه ، ففعله فعله وتقربه تقربه ،