بملاحظة ما بعدها في أن العبرة في القضاء والحكومة بالحكم الواقعي هو علم القاضي وطريقه اليه ، وان كان مقتضى القاعدة ـ على ما أشرنا إليه ـ في المشهورة اناطة معرفة موضوع الحكم في الكلام بنظر المخاطب ، لأن الحوالة على أهل النظر وأهل المعرفة مع كون النظر والمعرفة من الأمور المختلف فيها باختلاف الناظرين ، بنفسه يشعر بأن المناط في تشخيص الحكم الذي لا بد أن يتراضى المتخاصمان به هو نظر الناظر.
وإذا لاحظنا مع ذلك أن نزاع المترافعين ولو بسبب الاختلاف في الحكم لا يعقل الشارع إبقاؤه البتة على حاله وإلا لكان تعريضا للنظام على الفساد ، بل لا بد من دفعه وفصله بوجود فاصل بلغ الاشعار حد الدلالة على أن ما يفصل به لا بد أن لا يكون هو الحكم الواقعي من دون تقييد له بطريق الفاصل والا لزم المحذور الذي أشرنا إليه سابقا ، وهو استحالة نفوذ الفصل والقضاء مع الاختلاف في الطريق ، لان المحكوم عليه له أن يرد القاضي الحاكم بأنك أمرت بالقضاء على حسب الواقع النفس الأمري وهذا الذي تلزمني عليه حكم الجاهلية دون الواقع ، بل هو الحكم الواقعي الذي يراه الفاضل؟؟؟ ، وإذا ضممنا الى ذلك قوله عليهالسلام « فارضوا به حكما » وقوله عليهالسلام « فإني قد جعلته قاضيا » تأكدت الدلالة ، لأن الحكم والقاضي إذا تعقلنا معنا هما المطابقي تعقلنا متبوعيتها في النظر وعدم جواز معارضة المحكوم عليه له بنظره أو تقليده ، وإذا أضفنا الى ذلك تفريع الامام عليهالسلام على قضاوته قوله « فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه » تأكدت الدلالة كما لا يخفى.
وإذا لاحظنا مع ذلك كله قول الراوي فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضينا أن يكونا ناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما الى آخر المرجحات