لكن ذلك أيضا مبني على لابدية الترجيح ، فإنه لا بد حينئذ من وجوب الأخذ بالأرجح. واللابدية أيضا تحتاج الى مقدمات لم يثبت شيء منها في المقام ، منها عدم إمكان الاحتياط أو عدم وجوبه ، وحاصله ثبوت التخيير على فرض التكافؤ ، فإنه مما لا بد فيه من الأخذ بالأقوى.
والحاصل انه إذا ثبت التخيير بين الطريقين على فرض التكافؤ فمقتضى العقل بل النقل أيضا الأخذ بالأرجح ـ فتأمل. وأما إذا لم يثبت ذلك بل كان اللازم في تلك الصورة التوقف ـ مثل ما نحن فيه ـ فطريقة العقلاء لا يسلم كونها على الأخذ بالأقرب والأرجح ، وما نحن فيه من قبيل الثاني إجماعا عند من لم يقدم الجرح مطلقا.
هذا مضافا الى احتمال كون البينة أمرا تعبديا غير ملحوظ فيه جهة الكشف عن الواقع أصلا كالأصول ، بل لعله أقوى الاحتمالين في البينة. وحاصله كون البينة موضوعا للحكم وسببا له لا طريقا اليه.
ومع هذا الاحتمال يسقط اعتبار المرجح رأسا ، لأن المرجح لا بد أن يكون من جنس ما فيه الترجيح ليتأكد به مصلحة العمل والأمور الكاشفة عن الواقع والناظرة اليه ، ومثل الأكثرية والأعدلية والاوثقية ونحوها لا مساس لجهة الحكم الشرعي ومصلحته بناء على هذا الاحتمال ، وهذا مثل ترجيح أحد الفريقين باعتبار عظم جثته ونحوها من المضحكات.
التقاط
[ جواز الاستناد في ملكة العدالة إلى الاستصحاب ]
قد ذكرنا أن مستند الشاهد بالعدالة لا يلزم أن يكون علميا للزوم الحرج