( وثانيها ) عدم توقف تأثير النيابة في الحكم الوضعي المشار اليه على استحبابها ، بل يؤثر ولو لم يكن مستحبا ، بل ولو كانت بلا حكم أصلا حتى الإباحة ، كما لو فرض غفلة النائب عن حكم النيابة التكليفي ، فإنها حينئذ لا حكم لها جدا ويقتضي ثبوت الحكم الوضعي قطعا ، نظير سائر المعاملات. فعلى القول بعدم اقتضاء النهي فيها للفساد يكون صحتها غير منافية لحرمتها أيضا.
وبالجملة أفرض النيابة كالبيع وقل فيها ما تقول فيه. ومنه يظهر أنه يجوز أن يكون حكم النيابة وحكم المنوب عنه فيه متخالفين ، فيجوز أن يكون المنوب فيه مستحبا أو واجبا على المنوب عنه عباديا أو غيره والنيابة جائزة أو مكروهة أو حراما ، لان متعلق النهي انما هي النيابة ، فلو عصى النائب وناب النيابة المنهي عنها كان كمن غصب المبيع وباع بالبيع المنهي عنه. فعلى القول بعدم فساد البيع حينئذ وحصول الملك به تكون النيابة المحرمة أيضا صحيحة ويترتب عليها ما يترتب على النيابة المباحة أو المستحبة.
ولكن هذا مجرد فرض لا واقعية له في الشرعيات ، لان النيابات المشروعة كلها مباحة أو مستحبة وليست منهيا عنها ، لان مشروعيتها ثبتت بدليل خاص لا بدليل عام ، كالأمر بوفاء العقد حتى يتعلق النهي ببعض أقسامها مع الحكم بصحتها نظرا الى ذلك الدليل العام ، وان تحريم السبب من حيث هو لا ينافي ترتب المسبب ـ فافهم.
لكن جواز كون النيابة حراما مع كون المنوب فيه عبادة مبني على التصوير الأول في معنى النيابة من كونها عبارة عن التنزيل النفساني ، فعلى التصوير الأخير لا بد أن لا يكون حراما. نظير الفرق بين الإباحة والحرمة في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فافهم كما أن أكثر ما نبهنا عليه من الأمور مبني أيضا على ذلك التصوير ـ فافهم.