لوجوه على سبيل منع الخلو :
( الأول ) ان الظاهر المستفاد من النظر في مجموع تلك الأدلة هو قيام الرواة والعلماء والفقهاء والحكام مقام النبي والوصي صلوات الله عليهما في الأمور الثابتة لهم «ع» من حيث النبوة والرسالة لا مطلق الأمور الثابتة لهم ولو من حيثية أخرى راجعة إلى خصائصهم.
توضيح ذلك : ان تعليق الحكم بالوصف يشعر ـ خصوصا في مثل المقام المحفوف بقرائن عقلية ونقلية شتى ـ بالعلية ، فتشبيه العالم بالنبي أو تشبيه الراوي بحجة الله لا يفيد الا التنزيل والتشبيه في خصوص جهة النبوة التي هي وساطة بين الله تعالى وعباده ، أو جهة الإمامة التي هي وساطة بين النبي والرعية ، فكل ما هو ثابت للنبي من حيث كونه واسطة بين الله وخلقه ـ وهي حيثية تبليغ الاحكام ـ فهو ثابت لمن ناب منابه وقام مقامه.
وأما الأمور الثابتة له من حيثية أخرى غير حيثية الرسالة ـ كخصائص النبي من الأمور الشرعية والعادية ـ فالتشبيه والتنزيل المزبورين لا يعطي المشاركة فيها أيضا. ولا ريب أن ما نحن فيه وأشباهه خارج عن الحيثية المشار إليها ، بل الداخل فيها ليس إلا جهة بيان الاحكام وتبليغ الحلال والحرام ، حتى أنه لو لا أدلة القضاء وحكم العقل بوجوب اقامته لكان إثبات شرعيته بتلك الأدلة ، دونه خرط القتاد ، فضلا عن إثبات نصب القاضي غيره.
( والثاني ) ان هذه الأدلة وردت في تشخيص من تكون بيده مجاري الأمور من المصالح العامة التي دل العقل أو النقل على وجوب إجرائها ، كمباشرة القضاء ومحافظة مال الصغار وحفظ بيضة الإسلام ونحوها مما ثبت وجوب إجرائها ما دامت الشرعية باقية لا في تشخيص الأمور الجارية ، فلو شك في أمر أنه مشروع جار في المسلمين أم لا ، فلا بد في إثباته من التماس دليل آخر.