والتمسك بعموم المنزلة في بعض الروايات لا ثبات شرعية اجراء كل ما كان للحجة إجراؤه. يدفعه بعد عدم مجيئه فيما شك في شرعيته للحجة كما فيما نحن فيه ، ما عرفت من قصور التنزيل في الحجية والنبوة عن شمول ما هو خارج عن جهة النبوة والرسالة والحجية ، مضافا الى ما فيه افادة التنزيل والتشبيه للعموم إلا في الصفات الظاهرة الجلية التي هي في النبوة والحجية في تبليغ الاحكام.
فمفاد ما دل على قيام الفقيه مقام الإمام في مجاري الأمور ، إيكال النظر في الأمور العامة اليه ، على معنى وقوعها في الخارج على حسب ما يراه فيتبع نظره فيما يتعلق بتجهيز الموتى ومحافظة النفوس والأموال الضائعة ، ولا يجوز لا حد معارضته بل لا ينفذ لو عارضه ، لا أنه يباشر كل ما يباشره الامام.
( والثالث ) انها على تقدير تسليم عمومها لا بد من تنزيلها على أمور معهودة لكثرة ما يرد عليها من التخصيص التي تشمئز النفس من ارتكابها.
توضيح ذلك : ان كثرة التخصيص بعد ما بلغ حد الاستهجان يتعين معها حمل العام على المعهود ، ولذا حكموا في كلمة الناس في قوله تعالى « الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ » (١) الاية : بأن المراد به في الأول نعيم بن مسعود وفي الثاني أبو سفيان وأصحابه على طريق العهد دون التخصيص ، حذرا من استهجان تخصيص الأكثر. نعم لو لم يبلغ كثرة التخصيص الى حد الاستهجان كان حينئذ سببا لوهن العام ، بحيث لا تطمئن النفس في العمل بعمومه الا بعد الاطمئنان بعدم كون المورد من الافراد الخارجية ، ولذا قلنا في « لا ضرر » وأشباهها كلا حرج وآيات القصاص أنه لا يعمل بعمومها لكثرة ما خرج عن تحتها ، الا بعد مشاهدة عمل جملة من الأساطين بها.
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٧٣.