هذا ، وقد يتأمل في كون الفرض الأول من قبيل تكاذب الجارح والمعدل ، لأن الأخبار بكون المجروح في غير مكان المعصية في زمانها ليس تعديلا له بل اخبارا بأمر ينافيها ، لان المخبر ربما لا يخبر بعدالته لو سئل عنها.
نعم الفرض الأخير أقرب منه بالمثال وان كان فيها أيضا بعض المنافيات. وكيف كان فالتحقيق أن التوقف لا يستلزم العمل بما يقتضيه الجرح مطلقا ، فان التكاذب إذا كان في معصية لا ينافي الملكة ، فالتوقف فيه يقتضي العمل بما يوافق التعديل ، لأنه بعد تعارض قوليهما يرجع الى أصالة عدم صدور المعصية. فيبنى حينئذ على العدالة ، لأن الفرض إحراز الملكة ، وانما النزاع والتكاذب في الفسق باعتبار صدور المعصية لا باعتبار وجودها وعدمها. نعم لو كان التكاذب يرجع الى إثبات الملكة ونفيها كان التوقف مستلزما للعمل بما يوافق الجرح ، لأصالة العدم بعد تعارض القولين. والله العالم.
التقاط
[ عند تعارض الجرح والتعديل يؤخذ بالأرجح ]
لا عبرة بالمرجحات في تعارض الجرح والتعديل على ما صرح به غير واحد ، حتى من يرى العمل بالظن المطلق في الاحكام وفي ترجيح الاخبار كالسيد في محكي الرياض وولده النبيل في محكي المفاتيح.
وهو الأصل فيما شك في اعتباره من الظنون استدلالا وترجيحا ، لان الاستناد الى الظن لا يفرق فيه بين الاحتجاج به على وجه الاستقلال أو الترجيح كما فصلناه في الأصول حيث سوينا بين الوجهين في حرمة العمل.
نعم قد يقال بناء على كون البينة طريقا شرعيا الى الموضوعات الخارجية ، ان طريقة العقلاء في أمثاله على متابعة أقرب الطريقين الى الواقع وأرجحهما ،