والسنة والإجماع يمكن دعوى اختصاصها بالجاهل الغير المتعبد بشيء من الطرق ، ولذا لا يتناول المجتهد جدا والمقلد إذا قلد مجتهده في المسألة أمكن إلحاقه بالمجتهد من حيث كونه متعبدا في مقام التكليف بطريق شرعي وهو التقليد ، فلا تتناوله تلك الأدلة اللبية.
لكن قوينا في الأصول النقض في حقه وإلا لزم القول باستمرارهم على تقليدهم في المستقبل أيضا ، وهو خلاف الإجماع ظاهرا ، فكما أن رفع اليد عن الفتوى المعدول عنها وجب عليهم في المستقبل فكذا في الماضي.
وما ذكرنا من قصور شمول الأدلة لا تفاوت فيه بين الماضي والمستقبل ، مع أن الشك في تناول الأدلة للعامي المقلد في الماضي معارض بالشك في حجية الفتوى القديمة في حقهم بعد العدول ، بمعنى أن أدلة التقليد لا إطلاق فيها كما أوضحناه في محله. والقدر المعلوم من حجية تلك الفتوى في حقهم هو إذا لم يعدل المجتهد ، وأما بعده فيرجع الى الأصل القاضي بالقدر المتيقن ، وهو الأخذ باللاحقة. وكيف كان فهذا الكلام لا كرامة فيه.
( وأما الثاني ) أعني نقض المجتهد فتوى غيره ـ بمعنى عدم ترتب آثاره في الماضي والمستقبل والحال ـ فالكلام فيه بمقتضى القواعد مثل ما مر من النقض ، لكن الخلاف فيه لعله أكثر وآكد ، وان نقل عن العميدي والعلامة وغيرهما دعوى الإجماع على النقض.
ومدرك المسألة في الموضعين شيء ذكرناه أيضا في الأصول من أن الطرق والأمارات الشرعية هل هي محدثة للمصلحة كما يقوله أهل التصويب المحال أو مغيرة لها أو طريق محض مشتمل على المصلحة الطريقية أو غير مشتمل. فان قلنا بالأولين لم يعقل النقض ، وان قلنا بأحد الأخيرين وجب.
وقد رجحنا في الأصول الثالث صونا لأمر الشارع بالتعبد عن خلو المصلحة