وقلنا ان حال الأدلة الشرعية حال الأمارات في الموضوعات ، فكما أن كل شخص مكلف بما عنده من الامارة على حياة زيد أو موته أو طهارة شيء أو نجاسته ، كذلك المجتهد مكلف بما عنده من الأدلة طابق دليل الغير أم خالف ، فلا يجب بل لا يجوز له ترتيب آثار الزوجية بين اثنين فيما لا يساعده اجتهاده وان ساعده اجتهاد الغير أو اجتهاد الزوجين ، وكذا سائر المعاملات والعبادات والطهارات.
والحاصل ان مقتضى القاعدة النقض الا فيما قام فيه السيرة أو الحرج.
وربما قيل بأن الأمور الإضافية ـ كالزوجية والملكية ونظائر هما ـ لا يجوز فيها النقض مطلقا لأنها أمورات عرفية لا واقعية لها سوى ما عهدوه والتزموه فيما بينهم ، من غير نظر الى شيء من الأسباب الشرعية ، وان كانت هي أيضا من أسباب تحقق عناوين هذه الأمور.
ويؤيده أن العرف إذا فهموا حرمة التصرف في أموال الكفار وأزواجهم لم يتوقفوا على ترتيب حكم الزوجية والملكية على أزواجهم وأموالهم في طريقتهم ولو مع قطع النظر عما ورد في الشرع من الأمر بإقرارهم على طريقتهم وأخذهم بمعتقدهم الذي لا يعرفه إلا علماء المتشرعة. فالمدار في هذه الأمور ليس على حقائقها الواقعية الثابتة عند الشارع حتى يجري فيها التخطئة ويترتب عليه النقض. بل على الإضافات الحاصلة من الأسباب الظاهرية المستعملة فيما بينهم طابقت الأسباب الواقعية أم خالفت ، بل سواء كانت أسبابا شرعية أو من مجعولاتهم ، مثل ما يجري بين الكفار من أسباب هذه الأمور.
وهذا وان ذهب اليه بعض أهل النظر من المتأخرين ، لكن الحكم به أيضا لا يخلو عن اشكال. فكيف كان فتحقيق هذه المسألة مطالب من الأصول. والله العالم.