فاعل الكبيرة.
وما قلنا من عدم تأثير العلم والجهل في الكبر والصغر ، انما هو بعد تحقق العصيان بذات الكبيرة ، وأما مع فرض عدم تحقق المعصية بالنسبة إلى ذاتها فلا معنى لجريان حكم المعصية الكبيرة عليها. الا أن يقال : ان الغفلة عن عنوان شرب الخمر انما يخرجه عن المعصية إذا لم يتصف بالمعصية بعنوان آخر كشرب العصير ، مثل ما إذا شرب الخمر باعتقاد كونه ماء. وأما مع الاتصاف فنمنع عدم تحقق المعصية بالنسبة إلى شرب الخمر حينئذ.
نعم في الشبهة الحكمية يتجه الحكم بالفسق ، لما أشرنا من أن الجهل بكون المعصية كبيرة مع الالتفات إلى أصل العصيان لا يمنع عن ترتيب آثار الكبيرة.
وكيف كان فقد ظهر مما ذكرنا وجه غير بعيد لصحة القول المشهور من لزوم الاستفصال ، لأنا إذا قلنا ان مناط الفسق والعدالة على ارتكاب الكبيرة الواقعية وعدم الارتكاب فلا جرم يسقط نظر المزكي والفاعل عن الاعتبار في كبر المعصية وصغرها ، لان طريق الواقع لكل شخص اعتقاده لا اعتقاد غيره ، فالمزكي لا بد أن يكون موافقا مع الحاكم في أسباب الفسق حتى تقبل شهادته ، فمع شك الحاكم في الموافقة لا بد له من الاستفصال.
لكن هذا الوجه لا يجري في قول من يرى ان المعاصي كلها كبيرة كابن إدريس ، فإنه يقتضي الاعتماد على رأي الفاعل دون الحاكم أو المزكي.
[ حمل كلام المخبر على الصدق الخبري ]
هذا ، وفي المقام شيء آخر لو تم لزم قبول الجرح مطلقا ، وهو حمل كلام المخبر على الصدق الخبري ، ولو مع الاختلاف في أسباب المخبر به كما أشرنا