الفتوى السابقة من نفوذه ولا يرفع المتأخرة لأثره.
وأما نقض الفتوى بالفتوى ـ أي رفع اليد عن آثار الفتوى السابقة ماضيا ومستقبلا بالفتوى المتأخرة ـ فالكلام فيهما محرر في الأصول تعرضنا لجملة القول فيه في مسألة الاجزاء ، وإجمال القول هنا هو : ان الفتويين تارة تكونان من مجتهد واحد وأخرى من مجتهدين :
( أما الأول ) فقد ذكرنا في الأصول أن الحق فيه النقض ، بمعنى وجوب رفع اليد عن آثار الفتوى المعدول عنها في الماضي والمستقبل ، نظرا الى عدم كون الأمر للاجزاء ، من غير فرق بين العبادات والمعاملات والإيقاعات والاحكام ، على خلاف ضعيف في بعضها كالعبادات وبعض أقسام المعاملات.
نعم استثنينا من صورة النقض قضاء العبادات على احتمال قوي للعسر والحرج في مظان جريانهما ، وذكرنا أيضا أن قيام السيرة على عدم النقض مطلقا ـ وان ادعاه بعض ـ أمر غير ثابت.
وكذا دعوى لزوم العسر والحرج ، خصوصا بعد ملاحظة الاتفاق على النقض في صورة العدول بدليل علمي ، فان الطرق الشرعية تجري مجرى العلم في الحكاية عن الواقع أولا وآخرا. ودعوى أن الحرج والعسر المترتبين على العدول العلمي غير قادحين لشذوذه. مدفوعة بأن العدول مطلقا ظنيا كان أو قطعيا شاذ خصوصا في المسائل المبتلى بها.
ونحن لم نجد في عصرنا مجتهدا عدل في شيء من تلك المسائل ، بل هو محض فرض لو وقع لكان نادرا. واختلاف فتاوى العلامة في كتبه الاستدلالية لا ينافي دعوى الشذوذ ، لان حال كتب الاستدلال غير حال رسائل الفتوى.
نعم هنا كلام آخر ، وهو الفرق بين المجتهد ومقلديه ودعوى عدم النقض في حقهم ، لأن أدلة التقليد باعتبار كونها أدلة لبية محصلة من مجموع الكتاب