بخلاف النيابة فإنها عبارة عن فعل النائب وتنزيله نفسه منزلة المنوب عنه من غير حاجة الى الاستنابة. نعم ربما بتوقف ترتب أثرها التي يأتي ذكره عليها على الاستنابة بحيث لا يترتب شيء على التبرع بها ، كما في النيابات المتعارفة في الأمور العادية ، فان النيابة في تلك الأمور لا تجدي شيئا إلا بعد تحقق الاستنابة ، فمن قبّل يد زيد نيابة عن عمرو مثلا فتقبيله لا يكون بمنزلة تقبيل عمرو الا بعد استنابة عمرو له في التقبيل. وكذلك في أكثر الشرعيات ، فان النيابة فيها أيضا غير مؤثرة إلا بعد الاستنابة.
نعم في بعض العبادات حصل من الشارع إمضاء الشارع النيابة التبرعية كالزيارة مثلا ، لكنه يقتصر فيه على مورد الإمضاء ، كما أنه يقتصر في تأثير النيابة مطلقا حتى مع الاستنابة على الإمضاء الشرعي والرخصة الشرعية ، فالوكالة نظير الوصاية صفة من الصفات.
والنيابة فعل نفساني يعرض الفعل الخارجي ، فيكون عنوانا له ، كالتواضع والإكرام العارضين للقيام ، كما أن الضمانة فعل يفعل بالجوارح.
والغرض ان النيابة حيثما تصح تجري مجرى البيع والصلح ونحوهما من المعاملات في كونها فعلا اختياريا سببا لبعض الاحكام على حد سببية المبيع مثلا للملكية ، وأما أثر النيابة وفائدة ذلك التنزيل التي تجري مجرى فائدة البيع ـ أعني الملك ـ فهو صيرورة النائب بمنزلة المنوب عنه وصيرورة فعله بمنزلة فعله ، كما أن فائدة الضمانة صيرورة الضامن كالمضمون عنه وصيرورة ما في ذمته من الدين في ذمة الضامن.
ويتفرع على ذلك أنه إذا كان المنوب فيه من العبادات توجه التكليف المتوجه الى المنوب عنه وجوبا أو ندبا إلى النائب كذلك بعد فرض صحة النيابة ، لأن النائب إذا صار بحكم العرف بعد إمضاء الشارع بمنزلة المنوب