بين الاحتمال الصرف أو بين ذات الأمارة النوعية وبين العلم.
وثانيا ـ ان إحراز صفة العلم بالحكم الواقعي في الحاكم لا بد أن يكون منوطا بنظر المحكوم عليه ، كإحراز صفة الرجولية ، لأن إحراز قيود الموضوع يستحيل أن يكون منوطا بنظر غير المخاطب الا بدليل آخر. فإذا أحرز الشخص عند نفسه شخصا جامعا بين الصفتين ـ أعني الرجولية والعلم بالحكم الواقعي ـ فعليه التحاكم إليه. ومن الواضح أن الجاهل بالحكم لا يعقل في حقه إحراز العلم به في شخص أو الظن به ، لان ما في وسعه إحراز شخص ظن بأن حكم الخمر الحرمة مثلا ، وهو غير إحراز ظنه بحكم الخمر ، والعلم بأن زيدا ظن بكون حكم الخمر هو الحرمة والعلم بأنه ظن حكم الخمر الواقعي ، بينهما فرق واضح بين.
ولعل المحقق القمي تفطن الى هذه الدقة حيث طابق الاستدلال بالرواية في محكي جواب سؤال على صورة علم المترافعين أو ظنهما بالحكم تقليدا فترافعا الى من يوافقهما في التقليد ، فان الحاكم حينئذ واجد لصفة الظن بالحكم في نظر هما جدا.
لكن نقول في الجواب حينئذ ما مر في صورة الموافقة من القول بالموجب وعدم بهوضه بالمقصود ، لان الحكم والإلزام بما يقتضيه تكليف المحكوم عليه لا يكون يقتضي أزيد مما هو قضية الأمر بالمعرف ـ الى آخر ما ذكرنا ثمة.
فان قلت : على ما ذكرت يسقط الاستدلال بالرواية على نفوذ القضاء مطلقا حتى في حق المجتهد ، مع أنها من أعظم ما استدلوا به على نفوذ حكم المجتهد في زمن الغيبة.
قلت : الاستدلال بها انما هو لأجل إثبات شرعية القضاء في الجملة ، وان ما ورد من نواهي الحكومة كقوله عليهالسلام (١) « اتقوا الحكومة فإنما هي للإمام
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ٣ من أبواب صفات القاضي.