الأصحاب مقام عمل الشخص نفسه كما هو صريح قولهم وتثبت ولاية القاضي ، والعلم في مقام العمل طريق محض بحكم العقل الذي لا يقبل التخصيص والتخصص كما تقرر في محله.
نعم في مقام حكم الحاكم أو في مقام الشهادة فالعلم بالموضوعات علم موضوعي ، فيمكن أن يكون للعلم الحاصل بالاستفاضة خصوصية من بين سائر أسباب العلم أوجبت اعتبار الشارع له في مقام الحكم ، بناء على عدم جواز حكم الحاكم بعلمه مطلقا أو في مقام الشهادة بمقتضى العلم مطلقا.
ولكن الذي يرى جواز الحكم بالعلم مطلقا أو جواز الشهادة كذلك ـ كأكثر من تعرض للمسألة ـ لا يحسن منه أيضا تخصيص الحكم بالاستفاضة ولا بهذه الأمور.
وكيف كان فإن أرادوا بالاستفاضة ما يفيد العلم عادة بنفسه أو بملاحظة القرائن على أبعد الاحتمالات فما ذكروه من الثبوت
جيد متين ، لكن يبقى الكلام في وجه التخصيص بالاستفاضة بهذه الأمور ، وان أرادوا بها ما يفيد الظن المتاخم الاطمئناني أو مطلقا فثبوت هذه الأمور خاصة بهادون غيرها يحتاج الى دليل يدل على حجية الاستفاضة على وجه لا يتناول ما عداه.
وأما ما قيل من أن الاستفاضة لا اختصاص لها بهذه الأمور وان ذكر الأصحاب لها بالخصوص انما هو لأجل كونها غالبا مجرى لها دون غيرها مما يغلب فيه جريان البينة. فليس في محله ، لبعده عن ظاهر التخصيص كما لا يخفى ، خصوصا مع ملاحظة تقييدهم الملك بالمطلق ، فان تقييد الموضوع بقيد يشاركه غيره في الحكم ، ركيك في الغاية إلا لنكتة كغلبة القيد في الوجود الخارجي ، مثل غلبة كون الربا في الحجر والملك المطلق ليس بأغلب من الملك المسبب عن مثل البيع.