وهذه الفائدة غير متصورة في الدعوى المجهولة ، لأن العنوان المجهول المقول بالتشكيك لا يفيد الإلزام ، إذ لا يتصور الأمر بدفع المجهول الأعلى أحد وجوه كلها باطلة في المقام :
( أحدها ) الأمر بدفعه على وجه الإبهام ، وهو غير معقول ، لان المبهم مع وصف الإبهام لا يمكن دفعه حتى يلزم به.
( والثاني ) الأمر به على وجه التخيير للدافع أو للمدفوع اليه ، وهو إلزام بغير المدعي به ، لان المفروض كونه أمرا معينا في
الواقع مبهما في الظاهر.
( والثالث ) الأمر به على القدر المعلوم والمتيقن من محتملاته ، كالأمر بدفع الدين المجهول على دفع أقل ما يحتمله المدعي ، وهو أمر معقول لكنه ليس إلزاما بأمر مجهول بل بأمر معلوم. وليس مما يتفرع على سماع دعوى المجهول أيضا ، لأن ذلك في المعنى دعوى لأمر معلوم في ضمن عبارة متضمنة لأمر بلا فائدة ، أعني احتمال الزائد.
والحاصل ان سماع الدعوى المجهولة ان كان لأجل الإلزام بالقدر المتيقن.
فهذا سماع لدعوى أمر معلوم لا مجهول ، وهو خارج عن مفروض المسألة.
مضافا الى أن الإلزام بالقدر المتيقن لا يتمشى فيما إذا دار المجهول بين المتباينين كالثوب والفرس. الا أن يقال : ان دعوى العين المغصوبة فائدتها الإلزام بالقيمة فرارا عن خلود الحبس كما مر في كتاب الغصب ، فيرجع حينئذ إلى الأقل والأكثر المتداخلين.
فان قلت : نختار الوجه الأول ، أعني الإلزام بالمجهول على إبهامه. قولك « انه يتعذر تسليمه فلا يقبل الإلزام ». قلنا ممنوع لا مكان أدائه بالاحتياط أو الخروج عن عهدته بالصلح.
قلنا : إذا كانت المسألة من مجرى البراءة لدوران الأمر بين الأقل والأكثر