أن فائدة سماع لدعوى أمر وراء الإلزام بالمجهول ، كاحتمال إقرار المدعي أو نحو ذلك مما يتبين به الحال بغير حكم الحاكم ـ فافهم.
ومما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين الدعوى المجهولة من جميع الجهات ـ كدعوى شيء متمول ـ أو من بعض الوجوه ، ولا بين دعوى الدين أو العين.
فان التحقيق في الكل عدم السماع في ذلك العنوان المجهول بوصف المجهولية ما لم يأخذ المدعي بالقدر المتيقن منه في تحرير الدعوى.
فان قلت : عدم صلاحية المجهول للحكم لا يقتضي عدم وجوب السماع لما يترتب عليه من بعض الفوائد كالإقرار ونحوه ، فيجب على القاضي السماع رجاء لا خراج الحق ولو بغير الحكم كالإقرار.
قلت : وجوب السماع مقدمة لما هو الغرض من تشريع الحكم ، وذلك الغرض ليس سوى الإلزام بالمدعى به على تقدير البينة أو الحلف ، وأما رجاء الإقرار فهو من قبيل الفوائد المترتبة على السماع أحيانا كترتبها على مكالمة غير الحاكم مع المدعى عليه من المؤمنين المحسنين المصلحين.
والحاصل انه لما علم أن الغرض من نصب الحاكم أمر وراء ما يعم جميع الناس ـ وهو الإلزام بالحق بموازين القضاء ـ فلا جرم يختص وجوب سماع الدعوى بما إذا احتمل حصول هذا الغرض ، فمع امتناع حصوله لو أوجبنا أيضا السماع كان قد أوجبنا المقدمة مع تعذر ذيها ، وهو كما ترى.
فإن قلت : لا نسلم انحصار غرض الشرع في الإلزام ، بل نقول ان الغرض هو إخراج الحق بأي وجه كان حتى بالإقرار ونحوه ، فيجب السماع حيث يحتمل حصول الغرض على بعض الوجوه.
قلت : الدعوى والاستعداد اللذين هما بابان من أبواب الفقه : الأول عبارة عن ادعاء حق يتضمن لإنكار المدعى عليه ، لان الدعوى هو الشكوى ، ومجرد