إذا تحققتا فنقول : بالموت تخرج التركة عن ملك الميت بحكم المقدمة الاولى ، فلا بد له من مالك تقوم به الملكية بحكم المقدمة الثانية ، وليس هو إلا الوارث ، للإجماع ظاهرا على عدم دخوله في ملك الغرماء ، لان القدماء يزعمون بقاءها في حكم مال الميت.
فان قلت : لم لا يجوز أن تخرج التركة عن الملكية والمالية بموت صاحبها فلا تكون ملكا لأحد ، بل قضية خروجها عن ملك الميت بحكم البرهان ، مضافا الى أصالة عدم دخولها في ملك أحد ذلك.
قلت : هذا الاحتمال مدفوع بظواهر جميع ما في باب الميراث من الايات والاخبار وكلمات الأخيار ، لتطابقها على انتقال المال الى الوارث ، بل هو قضية لفظ الإرث ومشتقاته ، لأن الإرث بمعنى الانتقال ، وحقيقته تستدعي بقاء صفة الملكية مع تبدل المالك.
وبهذا الاعتبار بعد البيع والصلح مثلا من النواقل ، لأنه سبب لتبدل مالك بمالك مع بقاء الملك على صفة الملكية في الحالتين. وعلى تقدير خروج التركة بالموت عن الملكية لا معنى لانتقالها من الميت الى الوارث ، لان تملكهم لها بعد الدين يكون تملكا جديدا كتملك المباحات الأصلية. وهو بديهي البطلان ، إذ لم يظن أحد أن التركة قبل أداء الدين مثل المباحات التي ليست ملكا لا حد وان تملك الوارث لها باعتبار حق الأولوية ، كتملك صاحب الخمر المستحيل الى الخل.
والحاصل ان أعيان مال الميت ليست مثل دية الجناية الواقعية على الميت في دخولها في ملك الوارث ابتداء ، أي من غير انتقالها من الميت إليهم ، بل مثل سائر ما ينتقل من مالك الى آخر بسبب شرعي كالبيع ، فالموت في الشريعة أحد أسباب الانتقال لا انه سبب زوال الملكية ، وإطلاق الإرث على تملك الوارث