دلت كل واحدة من الفقرات الثلاث بملاحظة ورودها في مقام التحديد المطرد والمنعكس ـ كما هو الشأن في قيود الحدود ـ على اختصاص الحكم بالمجتهد ، لظهورهما فيه. لأن رواية الحديث سواء حملت على الرواية المصطلحة في ذلك الزمان أو على المعنى اللغوي ـ أعني تحمل قول المعصوم عليهالسلام بمعنى فهم معناه الذي هو حكم الله الواقعي ـ بعيد الانطباق على المقلد ، لأنه ليس من أهل الرواية بأحد المعنيين كما لا يخفى.
ودعوى أن المجتهد أيضا ليس من أهلها فيختص مضمون الرواية في زمن الأئمة عليهمالسلام بالرواية. مدفوعة بأن المجتهد أخص من الراوي ، فكل مجتهد رأو لا محالة.
وأما اختصاص النظر في الحلال والحرام بالمجتهد ، فهو أوضح ، إذ ليس المقلد من أهل النظر كما لا يخفى.
ودعوى أن المراد بالنظر في الاحكام عدم التجافي عنها ـ كما هو شأن المخالفين المتجافين عن أئمتنا وأحكامهم ـ فيعم المقلد الشيعي أيضا. مكابرة واضحة ، لظهوره في الرواية والتفكر المختصين بالمجتهد.
وأما معرفة الاحكام فهو أيضا واضح ، خصوصا على الأخذ بظاهر الجمع وان كان ركيكا في الغاية بل مقطوع العدم لظهوره في الاستغراق العرفي الحاصل بالعلم بجملة من الاحكام. والحاصل ان ظهورها في المجتهد ومنكره مكابر.
ودعوى عدم دلالتها على الحصر لعدم حجية مفهوم الوصف ، قد ظهر ضعفها مما أشرنا من ورودها في مقام التحديد الآبي إلا عن الحصر. والعجب كيف يتجرأ في مخالفة رؤساء الفقه المصرحين بالاتفاق على المنع ، مع عدم مصرح منهم بالجواز بمثل هذه الروايات التي خرجت ووصلت من أيديهم إلينا مع عدم ظهورها في المدعى.