ومن طرق أصحابنا ما رواه في الخصال عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن آبائه « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتاني آت من [ عند ] الله تعالى فقال : إنّ الله تعالى يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : يا ربّ وسّع على امّتي ، فقال : إنّ الله تعالى يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف » (١).
ويرد عليهما : ـ بعد الإغماض عن ضعف سنديهما وعدم معلوميّة تواتر الاولى منهما ـ منع الدلالة.
أمّا أوّلا : فلعدم التعرّض فيهما لتواتر السبع ، بل غايته الدلالة على كون نزوله من الله على سبعة أحرف كما في الاولى ، أو على كون المرخّص من الله سبحانه هو قراءة على سبعة أحرف ، فغايته ثبوت السبعة أحرف بخبر الواحد لا بالتواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمّا ثانيا : فلمنع كون الأحرف مرادا بها القراءات السبع ، لجواز أن يراد بها سبعة لغات كما حمل عليه ابن الأثير في نهايته (٢) ، أو سبعة أقسام : أمر ، وزجر وترغيب ، وترهيب ، وجدل ، وقصص ، ومثل ، كما في رواية (٣).
وفي اخرى « زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال » (٤).
ويؤيّدهما المروي عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام « إنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام ، كلّ قسم منها شاف كاف ، وهي أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل ومثل وقصص » (٥) أو سبعة أبطن كما في غير واحد من الروايات كما يكشف عنه ما رواه في الخصال باسناده عن حمّاد بن [ عثمان ] ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام « إنّ الأحاديث تختلف منكم ، قال : فقال : إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ، وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه ، ثمّ قال : هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب » (٦).
ومع الغضّ عن جميع ما ذكر ، فالخبران يعارضان ما هو أقوى منهما ، كالمروي في الكافي في الحسن كالصحيح عن الفضيل بن زياد « قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الناس يقولون إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقال : كذبوا أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد » (٧).
__________________
(١) الخصال : ١ : ٣٥٨ / ٤٤. (٢) النهاية ١ : ٣٦٩ / حرف.
(٤) بحار الأنوار ٨٩ : ١٨٦ / ٣ ـ مجمع البيان ١ : ١٣.
(٣ و ٥) بحار الأنوار : ٩٠ : ٤.
(٦) الحضال ١ : ٣٥٨ / ٤٣.
(٧) الكافي ٢ : ٦٣٠ / ١٣.