وعن جماعة (١) دعوى الإجماع عليه ، فإنّ تعبيرهم بظنّ الضيق على ما قيل لبيان أدنى فردي الرجحان فيشمل القطع بالضيق أيضا بل بطريق أولى.
ويظهر العدم من العلاّمة في التذكرة (٢) حيث استوجه عدم العصيان في مسألة ظنّ ضيق الوقت ، واستقربه السيّد الطباطبائي في مفاتيحه (٣) ، ومن الفضلاء (٤) من فصّل وسيأتي بيان تفصيله ، وعن النهاية (٥) وشيخنا البهائي (٦) الوقف.
وحيث إنّ العصيان عبارة عن مخالفة الخطاب فلا يصدق إلاّ إذا كان هناك حكم وتكليف إلزامي ، ولا خطاب على القول بالعصيان إلاّ بان أنّ الشارع جعل بطروّ صفة القطع للمورد حكما مثل الحكم المجعول للموضوع الواقعي ، فإنّ الحكم المجعول للخمر الواقعي هو حرمة الشرب ، وقد جعل لمقطوع الحرمة على خلاف الواقع أيضا حرمة الشرب ، وهذا مع الأوّل كلاهما حكمان واقعيّان ، إلاّ أنّ الأوّل تبع الصفة الكامنة في الخمر الواقعي ، وهي المفسدة الواقعيّة الكامنة فيه.
والثاني صفة القطع الطارية للمورد ، فرجع النزاع حينئذ إلى أنّ صفة القطع الطارية للشيء على خلاف الواقع هل تؤثّر في حدوث حكم إلزامي للمورد؟ مثل الحكم الواقعي المجعول للموضوع الواقعي ، ومرجعه إلى أنّ قبح التجرّي أوجب قبح الفعل المتجرّى به المقتضي لجعل الحكم الإلزامي من إيجاب الفعل أو تحريمه حسبما اعتقده القاطع.
والأقوى من أقوال المسألة ثانيها.
لنا : أنّ الحكم الإلزامي المفروض لا بدّ له من حاكم وهو إمّا الشرع أو العقل ولا سبيل إلى شيء منهما.
أمّا الأوّل : فلافتقاره إلى دليل ، وليس في الأدلّة الشرعيّة ما يدلّ على ذلك ، وستعرف ضعف ما تمسّك به للقول بالعصيان.
وأمّا الثاني : فلعدم استقلال العقل بإدراك حكم إلزامي يترتّب عليه العصيان واستحقاق العقوبة والنيران.
__________________
(١) منهم العلاّمة في المنتهى : ٤ : ١٠٧ والفاضل الهندي في كشف اللثام : ٣ : ١٠٩ والسيّد العاملى في مفتاح الكرامة : ٢ : ٦١.
(٢) التذكره : ٢ / ٣٩١.
(٣) مفاتيح الاصول : ٣٠٨.
(٤) هو صاحب الفصول.
(٥) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ١١ و ٩٤.
(٦) الزبدة : ٤١.