فإن اريد بالتقرير تقرير إمامنا الغائب عجلّ الله فرجه ، فهو مع قيام الاحتمال المذكور لا يكشف عن رضاه بالحكم المجمع عليه على أنّه الحكم الواقعي ، وكذلك لو اريد به تقرير سائر أئمّتنا عليهمالسلام كلّ في زمانه ، مضافا إلى أنّه إنّما يتّجه التمسّك بتقريرهم على تقدير كون انعقاد الإجماع في أعصارهم عليهمالسلام ، وهو ليس بواضح إن لم نقل بوضوح خلافه.
وربّما يستشمّ من كلام بعض الأعلام (١) أنّ الشيخ في إثبات الإجماع على طريقته اعتمد على الأخبار المتواترة في « أنّ الزمان لا يخلو عن حجّة كي إن زاد المؤمنون شيئا ردّهم وإن نقصوا أتمّه لهم ، ولولا ذلك لاختلط على الناس امورهم » (٢).
والحديث بهذا اللفظ في عدّة طرق وفي المستفيض منها : « أنّ الأرض لا تخلو إلاّ وفيها عالم إذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم إلى الحقّ وإن نقصوا شيئا تمّم لهم ، ولولا ذلك لالتبس عليهم أمرهم ولم يفرّقوا بين الحقّ والباطل » (٣).
وفي المروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم « أنّ لكلّ بدعة من بعدي يكاد؟ بها الإيمان وليّا من أهل بيتي موكّلا به يذبّ عنه ويبيّن الحقّ ويردّ كيد الكائدين » (٤). وفي آخر « ويعلن الحقّ ويردّ كيد الكائدين ».
وعنهم عليهمالسلام « إنّ لنا في كلّ خلف عدولا ينفون عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين » (٥).
وفي عدّة أخبار في تفسير قوله تعالى ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ )(٦) « أنّ المنذر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي كلّ زمان إمام منّا يهديهم إلى ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٧) ، وفي بعضها « والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة » (٨).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ولم تخل الأرض منذ خلق الله [ تعالى ] آدم من حجّة له فيها [ إمّا ] ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها ولولا ذلك لم يعبد الله تعالى ، قيل : كيف ينتفع الناس بالغائب المستور؟ قال : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » (٩).
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٣٥٠. (٢) بحار الأنوار ٢٣ : ٢٧ / ٣٨.
(٣) بحار الأنوار : ٢٣ : ٢٦ / ٣٦. (٤) بحار الأنوار ٢ : ٣١٥ / ٧٩.
(٥) بحار الأنوار ٢ : ٩٢ / ٢١. (٦) سورة الرعد : ٨.
(٧) بحار الأنوار ٢٣ : ٥ / ٥.
(٨) بحار الأنوار ٢٣ : ٤ / ٥.
(٩) بحار الأنوار ٢٣ : ٦ / ١٠.