محرّم واقعي أو بترك [ واجب ] واقعي ، لأنّه قبح في الفاعل من حيث كشفه عن الشقاوة وخبث السريرة لا في الفعل ، فمخالفة القطع الغير المطابق لا يؤثّر في المعصية واستحقاق العقوبة في شيء من صورها الثمانية ، ولا مدخليّة فيه لمزاحمة الجهة الذاتيّة في الواجبات الواقعيّة والمحرّمات الواقعيّة.
وثاني ما يرد عليه : أنّ قبح التجرّي ذاتي ـ على معنى كون عنوان التجرّي بنفسه وحقيقته النوعيّة علّة تامّة لقبحه ، كالظلم الّذي هو وضع الشيء على غير مستحقّه ـ فإنّ التجرّي على المولى بمفهومه يقتضي القبح ، فلا يعرضه جهة محسّنة أصلا ، ولذا يقال : إنّه قسم من الظلم ، كما أنّ الانقياد المقابل له حسنه ذاتي ـ على معنى كون عنوانه علّة تامّة للحسن ـ فإنّ الانقياد للمولى بمفهومه يقتضي الحسن ، ويستحيل صيرورته قبيحا باعتبار أنّه لا يعرضه جهة مقبّحة ، فالتجرّي على المولى قبيح دائما ، كما أنّ الانقياد للمولى حسن دائما ، سواء قلنا بكونه مؤثّرا في قبح الفعل المتجرّى به أو لم نقل.
وثالث ما يرد عليه : أنّه لو سلّم عدم كون قبح التجرّي ذاتيّا ـ على معنى عدم كون عنوانه علّة تامّة للقبح ـ فلا يسلّم أيضا كونه ممّا يختلف بالوجوه والاعتبارات ، كالقبح في الأفعال الّتي لا تتّصف في حدّ أنفسها بحسن ولا قبح بل إنّما تتّصف بأحدهما باعتبار لحوق وجه من الوجوه الّتي تتبّع في لحوقها القصد والنيّة ، كبذل المال للغير فإنّه على وجه الصدقة حسن وعلى وجه الرشوة قبيح ، وضرب اليتيم فإنّه على وجه التأديب حسن وعلى وجه التعذيب قبيح ، والدخول على المؤمن فإنّه على وجه الزيارة حسن وعلى وجه الإهانة قبيح ، لأنّ بينهما واسطة وهو ما يتصف في نفسه بالقبح ، على أنّ عنوانه الخاصّ بالقياس [ إلى القبح ] من باب المقتضي الّذي قد يصادف ما يمنعه من اقتضاء القبح ويوجب حسنه ويقال له : « الجهة المحسّنة » ، كالكذب فإنّه في نفسه قبيح ويحسن لجهة النفع ، أو إنجاء النبيّ إذا عرضته عن قصد والتفات ، فهو بحيث لولا عروض هذه الجهة كان قبيحا ، لكون ذاته مقتضية للقبح على معنى أنّه باق على قبحه ، ما لم يعرض له تلك الجهة.
ولا ريب أنّ التجرّي في اقتضاء القبح من هذا القبيل ، فإنّ ذاته إن لم تكن علّة تامّة لقبحه فلا أقلّ من كونها مقتضية له ، فيكون على اقتضائه للقبح إلى أن يعرضه جهة محسّنة رافعة لقبحه أو مانعة له عن اقتضاء القبح.
وما ذكره من معارضة الجهة الواقعيّة في التجرّي على الحرام في واجب واقعي أو على