المجموع ، كما هو مقتضى طريقة من أبطل الرجوع إلى أصل البراءة بلزومه الخروج عن الدين ، والاحتياط بلزومه الحرج.
وأمّا لو قرّر بالنسبة إلى مسألة شخصيّة أو بالنسبة إلى كلّ مسألة مسألة ـ كما يظهر ذلك من بعض الأعلام في قوانينه (١) ، حيث أبطل البراءة والاحتياط لا من جهة الخروج من الدين أو الحرج ، بل لعدم الدليل على حجّيّة الأوّل مع وجود الأمارة الظنّيّة ، ولا على وجوب الثاني.
ومن صاحبي المعالم (٢) والزبدة (٣) حيث تمسّكا لإثبات حجّيّة خبر الواحد بدليل الانسداد ، بناء على اقتضائه العمل بمطلق الظنّ ـ فلا يعقل في نتيجته الإهمال ، كما لا يعقل ذلك في قولنا : « الإنسان كاتب إذا فرضت القضيّة شخصيّة ، بأن يراد من « الإنسان » خصوص زيد مثلا ، وإنّما تصير مهملة إذا اريد به مجموع أشخاصه ، فيشكّ في ثبوت الحكم لكلّ واحد من آحاد المجموع ، أو لجملة منها دون اخرى.
والسرّ في عدم إمكان الإهمال في المسألة الشخصيّة ، أنّ الإهمال وصف يتأتّى في موضع التعدّد في موضوع القضيّة ، والظنّ في المسألة الشخصيّة لا تعدّد فيه سواء كان شخصيّا أو نوعيّا.
والحاصل : أنّ جريان دليل الانسداد لو توقّف على إبطال مرجعيّة الاصول في كلّ مسألة مسألة ، بأن يقال ـ في كلّ مسألة ـ : أنّ التكليف بالنسبة إليها باق ، وباب العلم فيها مسدود ، والعمل بأصل البراءة فيها غير جائز ، والعمل بالاحتياط غير واجب ، وكذلك الاستصحاب الموافق لأحدهما ، فتعيّن العمل بالظنّ فيها كائنا ما كان ، فلا يجري في نتيجته حينئذ بحث الإهمال ، لتعيّن العمل بالظنّ الموجود في المسألة كائنا ما كان ، من غير فرق بين الظنّ الشخصي والظنّ النوعي ، إذ لا مناص منه بعد إبطال مرجعيّة الاصول فيها كما هو واضح.
وبالتأمّل فيما ذكرنا يظهر : أنّ فرض الإهمال بالنسبة إلى الظنون والأمارات الظنّية إنّما يصحّ بالنسبة إلى القدر الزائد على القدر المكتفى به من الظنون والأمارات في دفع المحاذير الّتي كانت تلزم على تقدير البناء على الاصول ، أو القدر الزائد على القدر المتيقّن منها ـ على تقدير وجوده ـ مع كونه كافيا في تحصيل الفقه ، كالأخبار الصحيحة الأعلائيّة
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٤٤٠.
(٢) معالم الدين : ١٩٢.
(٣) الزبدة : ٥٨.