وما أشبه ذلك ممّا يحصل الظنّ به من القرائن الخارجيّة بحيث يلزم منه الظنّ بالحكم الشرعي من جهة رواية في سندها من ذكر ، وهو من الموضوعات الخارجيّة.
والضابط الكلّي : كلّ ظنّ في تشخيص الظواهر أو تعيين المرادات ، أو تميز الموضوعات الخارجيّة إذا تولّد منه الظنّ بالحكم الشرعي ، فإنّه من حيث كونه ظنّا بالحكم الشرعي حجّة ، ويجب العمل به لعموم وجوب العمل بالظنّ في الأحكام الشرعيّة الثابت بدليل انسداد باب العلم في الأحكام ، ولا حاجة في إثباته إلى كلفة إثبات انسداد باب العلم في اللغات وأوضاع الألفاظ والحقائق الشرعيّة والموضوعات الخارجيّة ، ولا إلى إحراز الانسداد الأغلبي فيها ، حتّى لو قلنا بانفتاح باب العلم في اللغات وأوضاع الألفاظ والمطالب الرجاليّة إلاّ في أقلّ قليل منها ولو موردا واحدا ، وجب العمل بالظنّ بالحكم الحاصل فيه من أمارة موجودة فيه بالفرض.
والسرّ فيه : ما تبيّن بما لا مزيد عليه ، من أنّ مناط حكم العقل بملاحظة انسداد باب العلم في الأحكام بوجوب العمل بالظنّ فيها كونه امتثالا ظنّيّا ، وموافقة ظنّيّة للأحكام ، وهذا المناط مطّرد في كلّ ظنّ بالحكم من أيّ سبب حصل ، وإن لم يكن من الأمارات المعدودة من أدلّة الأحكام.
وبما ذكرناه يعلم : أنّ الظنون الرجاليّة عندنا معتبرة من باب الظنّ الاجتهادي المعبّر عنه بالظنّ المطلق في الأحكام.
وعلى هذا فتزكية أهل الرجال وتعديلاتهم إنّما تعتبر من حيث اعتبار الظنّ المطلق في الأحكام ، لا من باب الشهادة ولا من حيث الرواية.
وقد ظهر من باب التنبيه : أنّ الظنّ في اللغات إذا استند إلى أمارة خارجيّة ، سواء رجع إلى إحراز الظواهر وإثبات الأوضاع ، أو إلى إحراز الدلالات وتشخيص المرادات من حيث هو ظنّ في اللغات ليس بحجّة ، كما تقدّم تحقيقه سابقا عندالكلام في الظنون المدّعى خروجها من أصالة التحريم ، بل في المجلّد الأوّل من الكتاب عند الكلام في حجّيّة قول أهل اللغة (١) ، وكذا الظنّ المطلق في مسائل اصول الفقه ـ وفاقا لشريف العلماء ومن تبعه ـ كما حقّقناه أيضا في ذيل البحث عن حجّيّة قول أهل اللغة ، لا لما استدلّ عليه من استلزام الحجّيّة عدمها ـ نظرا إلى نقل الإجماع وتحقيق الشهرة في عدم الحجّيّة ، وهذه أيضا مسألة
__________________
(١) تعليقة على معالم الاصول ٢ : ٥١ ـ ١٦.