من الأعلى أو من المرفقين من الأجزاء المستحبّة في الوضوء خلاف ظاهر الفعل البياني ، وكذلك سائر ما استحدثه المعصوم في فعله بيانا لكونه معتبرا في المجمل شطرا أو شرطا ، ما لم يقم دليل على استحبابه ، كما هو مفروض المقام.
وأمّا الجهة الثالثة : فبعد ما ثبت بفعل المعصوم كون ما استحدثه في فعله البياني جزءا واجبا للعبادة المجملة باعتبار كونه من أجزاء الماهيّة ، واشتبه بين الركن وغيره ، فهل الأصل فيه كونه ركنا أو لا؟
وتحقيق المقام : أنّ البحث عن ركنيّة ما ثبت جزئيّته بفعل المعصوم لا مدخليّة فيه لخصوص فعل المعصوم ، بل هو من جزئيّات مسألة أصالة الركنيّة فيما ثبت جزئيّته للعبادة ، سواء ثبت الجزئيّة بقول المعصوم أو فعله أو تقريره ، أو دليل آخر لبّي أو لفظي.
والحقّ فيها ـ على ما حقّقناه في أواخر باب أصل البراءة ـ هو الركنيّة ، لأنّ جزء الماهيّة بمفهومه يقتضي كونه بحيث ينتفي بانتفائه الماهيّة ، وإلاّ لم يكن جزءا للماهيّة.
هذا مضافا إلى أنّ الجزء الغير الركني أيضا بمفهومه تقتضي افتقاره إلى دليل ولا يكون إلاّ لأنّه خلاف الأصل ، وذلك لأنّ معنى الجزء الركني هو عدم الفرق في جزئيّته بمقتضى دليله بين العالم والجاهل ، والعامد والساهي ، والمتذكّر والناسي ، والجزء الغير الركني ما كان جزءا في حقّ العامد المتذكّر دون الساهي والناسي ، وهذا كما ترى تخصيص يحتاج إلى دليل. وإذا لم يكن دليل فالأصل عدم التخصيص ، فالأصل في الجزء أن يكون ركنا إلاّ ما دلّ الدليل على عدم ركنيّته.
والسرّ في ذلك : الّذي هو لمّ المسألة ، أنّ العبادة المركّبة من أجزاء كالصلاة التي أوّلها التكبيرة وآخرها التسليمة ليس لها وجود مغاير لوجودات أجزائها ، بل وجودها عين مجموع وجودات أجزائها ، وإذا انتفى بعض هذه الوجودات لفوات الجزء ـ ولو سهوا أو نسيانا ـ كان ذلك انتفاء لمجموع وجودات الأجزاء ، وهو بعينه انتفاء لوجود العبادة ، ووجودات الأجزاء الباقية غير مجموع وجودات أجزاء العبادة.
وأمّا الجهة الرابعة : فبعد ما ثبت في الجزء الثابت جزئيّته للعبادة المجملة بفعل المعصوم كونه جزءا غير ركني ونسي في محلّه ، فهل الأصل فيه كونه ممّا يتلافى بعد الفراغ أو لا؟
والوجه هو الثاني ، لأنّ وجوب التلافي تكليف زائد على التكليف بأصل العبادة المفروض حصول امتثاله ، بفرض عدم بطلانها بالإخلال بالجزء نسيانا ، وهذا التكليف