( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً )(١) أو اصطاد امتثالا لقوله تعالى : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا )(٢) فبوقوعه امتثالا في الأوّل يعلم أنّه وقع واجبا ، وفي الثاني يعلم أنّه وقع مندوبا ، وفي الثالث يعلم أنّه وقع مباحا.
الثالث : وقوعه بيانا لمجمل علم وجهه ، فبضابطة ما تقدّم من أنّه في الوجه يتبع مبيّنه ، يعلم أنّه وقع منه واجبا أو مندوبا أو مباحا على حسب وجه المجمل المفروض كونه معلوما.
وأمّا الطريق الثاني : فيعلم إباحة فعله تارة : بأن يفعله من دون مداومة عليه ثمّ يتركه من دون عذر ، فبالترك من دون عذر ينفي احتمال الوجوب لمكان عصمته المانعة من ترك الواجب ، وبعدم المداومة على فعله ينفي احتمال الندب ولو احتمل فيه الندب مع عدم المداومة يضمّ إليه أصالة النفي أعني أصالة عدم تعلّق طلب به.
واخرى : بتجرّده عمّا يدلّ على وجه مغاير للإباحة ، مع استحالة وقوع الذنب منه النافية لاحتمال الحرمة وأصالة عدم تعلّق طلب به ايجابا وندبا ، ولو احتمل فيه الكراهة أيضا ينفي بأصالة عدم تعلّق الطلب بتركه ، فيتعيّن الإباحة في الصورتين معا.
ويعلم ندبيّته بوجوه :
الأوّل : قصده القربة بفعله مع أصالة عدم المنع من تركه ، فبالأوّل يثبت رجحانه وبالثاني ينفي احتمال وجوبه ، فيتعيّن الندب.
الثاني : أن يوقعه بقصد القربة ثمّ يتركه من غير نسخ ولا عذر ، فالأوّل يوجب رجحانه وبالثاني يعلم عدم الوجوب ، فيتعيّن الندب.
الثالث : أن يدوم عليه ثمّ يتركه في بعض الأحيان من غير عذر ولا نسخ ، فإنّ المداومة عليه يكشف عن رجحانه ، والترك بلا عذر ولا نسخ ينفي الوجوب ، فيتعيّن الندب.
الرابع : أن يوقعه معصوم على وجه الرجحان ويتركه في ذلك الوقت معصوم آخر ، فينكشف عن كونه مندوبا كصوم يوم عرفة الّذي صامه الحسن وأفطره الحسين عليهماالسلام أو صامه الحسين وأفطره عليّ بن الحسين عليهماالسلام على ما تقدّم في خبر ابن المغيرة عن سالم.
الخامس : كونه قضاء عن عبادة مندوبة ، كغسل يوم الجمعة إذا أتى به في غير وقته بعد ما فات عنه في وقته ، فإنّ الفرع لا يزيد على الأصل ، فيعلم كونه على وجه الاستحباب.
__________________
(١) سورة النور : ٣٣.
(٢) سورة المائدة : ٢.