منها : أنّ التحليل والتحريم مع حرمة الحرام وحلّيّة الحلال إن فرضا متّحدين في الظرف وهو الواقع ، بأن يكون كلّ من الحرمة أو الحلّيّة مع مفاد خبر الواحد من الحلّيّة أو الحرمة حكما واقعيّا ، فالملازمة ممنوعة ، لأنّ دلالة خبر الواحد ليست علميّة فالحكم المستفاد منه حكم ظاهري ، وإن فرضناهما متعدّدين بحسب الظرف بأن يكون أحد الحكمين ثابتا له في الواقع ، والحكم الآخر المستفاد من خبر الواحد ثابتا له في الظاهر ، فبطلان اللازم ممنوع ، إذ لا ضير في مخالفة الحكم الظاهري في الشيء لحكمه الواقعي في نفس الأمر على القول بالتخطئة ، بل جميع الأحكام الاجتهاديّة المستنبطة من الأدلّة الغير العلميّة في مواضع عدم مصادفة الواقع ـ في الواقع على القول المذكور ـ أحكام ظاهريّة مخالفة للأحكام الواقعيّة ، ولا يلزم شيء من المحذورين ، لتعدّد الموضوع وانتفاء شرط تنجّز الحكم الواقعي ، وهو العلم بالخطاب تفصيلا أو إجمالا.
ومنها : نقض الاستدلال بأمارات غير علميّة وقع التعبّد بها في الشريعة ، كالفتوى في الأحكام للمقلّد ـ كما عن العلاّمة في النهاية (١) ـ والبيّنة واليد ونحوهما في الموضوعات للمجتهد والمقلّد ، لعدم دوام مصادفتها الواقع ، فلا يؤمن شيء منها عن تحليل الحرام وتحريم الحلال.
وعن بعضهم أيضا نقضه بالتعبّد بالقطع الّذي لا يؤمن من مخالفة الواقع.
ومنها : أنّ التعبّد بخبر الواحد إمّا أن يفرض مع انسداد باب العلم على المكلّف في المسألة ، على معنى عجزه وعدم تمكّنه من العلم فيها ، أو يفرض مع انفتاح باب العلم وتمكّن المكلّف منه.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يقول المستدلّ بأنّ المكلّف ليس له في الواقعة حكم أصلا لا واقعا ولا ظاهرا ، فيكون فيها كالبهائم والمجانين ، أو يقول بأنّ له حكما ظاهرا لا واقعا ، أو يقول بأنّ له حكما واقعا لا ظاهرا.
فإن كان نظره في الصورة الاولى ، ففيه : مع أنّه كلمة هو قائلها بل لا نظنّه قائلا بها ـ لمنافاته عبارة الدليل المشتمل على تحليل الحرام وتحريم الحلال المقتضي لأن يكون هناك حراما وحلالا في حقّ المكلّف ـ أنّ ذلك خارج عن المتنازع وليس لنا فيه كلام ، لأنّ محطّ النظر في تلك المسألة جواز التعبّد بخبر الواحد ، أو بمطلق الظنّ على فرض بقاء التكليف والحكم على حدّ ما هو ثابت للمشافهين المتمكّنين من العلم.
__________________
(١) لم نعثر عليه.