مؤثّرة في حدوث الحكم الشرعي الّذي يكون حكما واقعيّا للفعل القائم به هذه الأمارة.
وقد لا يكون جعلها على وجه الطريقيّة الصرفة ، ولا على وجه الموضوعيّة المحضة ، بل يكون برزخا وواسطة بين الجعل الطريقي والجعل الموضوعي ، واللازم من كونه واسطة أن يكون له نحو شباهة بالجعل الطريقي ونحو شباهة بالجعل الموضوعي ، وهذه أقسام ثلاث :
أمّا القسم الأوّل : فيتصوّر على وجوه :
الأوّل : أن يكون الأمارة المجعولة طريقا إلى الواقع بحيث علم الشارع بدوام مصادفتها الواقع ، وإن لم يعلمه المكلّف ، سواء فرض في مقابلها وجود طرق علميّة أو لا.
الثاني : كونها بحيث يعلم الشارع بغلبة مصادفتها الواقع وإن لم يعلمه المكلّف ، سواء فرض في مقابلها طرق علميّة أيضا أو لا.
الثالث : كونها بحيث يعلم الشارع بأنّها أغلب مصادفة للواقع من الطرق العلميّة الموجودة في مقابلها ، باعتبار كثرة وجود ما يكون منها جهلا مركّبا لأجل مخالفته الواقع.
الرابع : كونها بحيث يعلم الشارع بكثرة مصادفتها الواقع مع كون الطرق العلميّة المقابلة لها غالب المطابقة للواقع ، لندرة وجود ما يكون منها جهلا مركّبا.
وأمّا القسم الثاني : فهو على وجهين :
الأوّل : أن يكون مصلحة الأمارة القائمة بالفعل المؤثّرة في حدوث الحكم الواقعي على طبقها مناطا للحكم الواقعي وجودا وعدما ، ومرجعه إلى أنّه ليس في الفعل مع قطع النظر عن الحادث فيه ـ بسبب قيامها به باعتبار خلوّها عن الصفة المحسّنة والصفة المقبّحة ـ حكم مشترك بين العالم بالأمارة والجاهل به ، وهذا أشنع فروض التصويب المجمع على بطلانه.
الثاني : أن يكون مصلحة الأمارة القائمة بالفعل راجحة على الصفة الكامنة في الفعل مزاحمة لها في التأثير ، مؤثّرة في حدوث حكم فعلي على طبقها ، مانعة عن فعليّة الحكم الّذي كان يقتضيه صفة الفعل لولا قيام هذه الأمارة به ، وكان ذلك الحكم حكما مشتركا بين العالم بقيام الأمارة به والجاهل به ، غير أنّه إن أخذ مقيسا إلى العالم كان حكما شأنيّا ، وإن أخذ مقيسا إلى الجاهل كان حكما فعليّا ، ومرجعه إلى كون تأثير صفة الفعل في حدوث الحكم الفعلي مشروطا بعدم قيام الأمارة الظنّية على خلافها ، وهذا أيضا يستلزم التصويب وإن كان دون الأوّل.