وَأَهْلِي وَمالِي ، فَقَدِ اسْتَصْعَبَ عَلَيَّ شَأْنِي ، وَشَتَّتَ عَلَيَّ أَمْرِي وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلى هَلَكَتِي نَفْسِي ، وَإِذا تَدارَكَتْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُنْقِذُنِي بِها ، فَمَنْ لِي بَعْدَكَ يا مَوْلايَ.
أَنْتَ الْكَرِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَأَنَا اللَّئِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَعاصِي ، فَاحْلُمْ يا حَلِيمُ عَنْ جَهْلِي وَأَقِلْنِي يا مُقِيلَ عَثْرَتِي ، وَتَقَبَّلْ يا رَحِيمُ تَوْبَتِي ، سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، لا بُدَّ مِنْ لِقائِكَ عَلى كُلِّ حالٍ.
وَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ ، وَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْمُذْنِبُ عَمَّنْ يَمْلِكُ عُقُوبَتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، سَيِّدِي لَمْ أَزْدَدْ إِلَيْكَ إِلاَّ فَقْراً ، وَلَمْ تَزْدَدْ عَنِّي إِلاَّ غِنًى ، وَلَمْ تَزْدَدْ ذُنُوبِي إِلاَّ كَثْرَةً ، وَلَمْ يَزْدَدْ عَفْوُكَ إِلاّ سَعَةً.
سَيِّدِي ، ارْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَانْتِصابِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَطَلَبِي ما لَدَيْكَ ، تَوْبَةً فِيما بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، سَيِّدِي مُتَعَوِّذاً بِكَ مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ بائِساً فَقِيراً تائِباً ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، وَلا مُسْتَسْخِطٍ (١) ، بَلْ مُسْتَسْلِمٍ لِأَمْرِكَ راضٍ بِقَضائِكَ ، لا آيِسٌ مِنْ رَوْحِكَ (٢) ، وَلا آمِنٌ مِنْ مَكْرِكَ وَلا قانِطٌ مِنْ رَحْمَتِكَ ، سَيِّدِي بَلْ مُشْفِقٌ (٣) مِنْ عَذابِكَ ، راجٍ لِرَحْمَتِكَ ، لِعِلْمِي بِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، فَإِنَّهُ لَنْ يُجِيرَنِي (٤) مِنْكَ أَحَدٌ وَلا أَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً (٥).
اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تُحْسِنَ فِي رامِقَةِ (٦) الْعُيُونِ عَلانِيَتِي ، وَتَفْتَحَ فِيما أَخْلُو لَكَ سَرِيرَتِي ، مُحافِظاً عَلى رِئاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي ، مُضَيِّعاً ما أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي فَابْدِئُ لَكَ بِأَحْسَنِ أَمْرِي ، وَأَخْلُو لَكَ بِشَرِّ فِعْلِي تَقَرُّباً إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِحَسَناتِي ، وَفِراراً مِنْهُمْ إِلَيْكَ بِسَيِّئَاتِي ، حَتّى كَأَنَّ الثَّوابَ لَيْسَ
__________________
(١) مستسخط : كاره.
(٢) روحك : رحمتك.
(٣) مشفق : خائف حذر.
(٤) يجيرني : ينقذني.
(٥) ملتحدا : ملجأ.
(٦) وامقة ( خ ل ) ، أقول : رمقه بعينه : أطال النظر إليه.