كانَ لِي مَهْرَبٌ لَهَرَبْتُ ، وَلَوْ كانَ لِي مَصْعَدٌ فِي السَّماءِ أَوْ مَسْلَكٌ فِي الْأَرْضِ لَسَلَكْتُ ، وَلكِنَّهُ لا مَهْرَبَ لِي وَلا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا وَلا مَأْوى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ.
اللهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَهْلُ ذلِكَ أَنَا وَإِنْ تَرْحَمْنِي فَأَهْلُ ذلِكَ أَنْتَ ، بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَوَحْدانِيَّتِكَ وَجَلالِكَ وَكِبْرِيائِكَ وَعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ ، فَقَدِيماً ما مَنَنْتَ عَلى أَوْلِيائِكَ وَمُسْتَحِقِّي عُقُوبَتِكَ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ ، سَيِّدِي عافِيَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ عافِيَتَكَ ، وَعَفْوَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ عَفْوَكَ ، وَرَحْمَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ رَحْمَتَكَ ، وَمَغْفِرَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ مَغْفِرَتَكَ ، وَرِزْقَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ رِزْقَكَ ، وَفَضْلَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ فَضْلَكَ.
سَيِّدِي أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ وَأَقْلَلْتَ لَكَ مِنَ الشُّكْرِ ، فَكَمْ لَكَ عِنْدِي مِنْ نِعْمَةٍ لَا يُحْصِيها أَحَدٌ غَيْرُكَ ، مَا أَحْسَنَ بَلاءَكَ (١) عِنْدِي ، وَأَحْسَنَ فِعالَكَ ، نادَيْتُكَ مُسْتَغِيثاً مُسْتَصْرِخاً فَأَغَثْتَنِي ، وَسَأَلْتُكَ عائِلاً (٢) فَأَغْنَيْتَنِي ، وَنَأَيْتُ (٣) فَكُنْتَ قَرِيباً مُجِيباً ، وَاسْتَعَنْتُ بِكَ مُضْطَرّاً فَأَعَنْتَنِي وَوَسَّعْتَ عَلَيَّ ، وَهَتَفْتُ إِلَيْكَ فِي مَرَضِي فَكَشَفْتَهُ عَنِّي ، وَانْتَصَرْتُ بِكَ فِي رَفْعِ الْبَلاءِ.
فَوَجَدْتُكَ يا مَوْلايَ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ، وَكَيْفَ لا أَشْكُرُكَ ، يا إِلهِي أَطْلَقْتَ لِسانِي بِذِكْرِكَ رَحْمَةً لِي مِنْكَ ، وَأَضَأْتَ لِي بَصَرِي بِلُطْفِكَ حُجَّةً مِنْكَ عَلَيَّ ، وَسَمِعَتْ أُذُنايَ بِقُدْرَتِكَ نَظَراً مِنْكَ ، وَدَلَلْتَ عَقْلِي عَلى تَوْبِيخِ (٤) نَفْسِي.
إِلَيْكَ أَشْكُو ذُنُوبِي فَإِنَّها لا مَجْرى لِبَثِّها (٥) إِلاَّ إِلَيْكَ ، فَفَرِّجْ عَنِّي ما ضاقَ بِهِ صَدْرِي ، وَخَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ ما أَخافُ عَلى نَفْسِي ، مِنْ أَمْرِ دِينِي وَدُنْيايَ
__________________
(١) بلاءك : إحسانك وإنعامك.
(٢) عائلا : فقيرا.
(٣) نأيت : بعدت.
(٤) التوبيخ : اللوم.
(٥) لبثّها : لإذاعتها ونشرها.