فلمّا دخل رسول الله المسجد استقبله سائل ، فقال : من أين جئت؟ فقال : من عند هذا المصلّي تصدّق عليّ بهذه الحلقة وهو راكع.
فكبّر رسول الله صلىاللهعليهوآله ومضى نحو عليّ فقال : يا عليّ ما أحدثت اليوم من خير؟ فأخبره بما كان منه إلى السائل ، فكبّر ثالثة.
فنظر المنافقون بعضهم إلى بعض وقالوا : انّ أفئدتنا لا تقوى على ذلك أبدا مع الطّاعة له ، فنسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله ان يبدّله لنا ، فاتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبروه بذلك ، فانزل الله تعالى قرآنا وهو « قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي ـ الآية » (١) ، فقال جبرئيل : يا رسول الله أتمّه ، فقال حبيبي جبرئيل : قد سمعت ما تؤامروا به ، فانصرف عن رسول الله الأمين جبرئيل.
ثم قال صاحب كتاب النشر والطيّ من غير حديث حذيفة : فكان من قول رسول الله في حجة الوداع بمنى : يا أيها النّاس انّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وانّه قد نبّأني اللطيف الخبير انّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كاصبعي هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، الأهل بلّغت أيّها النّاس؟ قالوا : نعم ، قال : اشهد.
ثم قال صاحب كتاب النشر والطي : فلمّا كان في آخر يوم من أيّام التّشريق انزل الله عليه « إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ الى آخرها » (٢) ، فقال عليهالسلام : نعيت اليّ نفسي ، فجاء إلى المسجد الخيف فدخله ونادى : الصّلاة جامعة ، فاجتمع النّاس فحمد الله واثنى عليه ـ وذكر خطبته عليهالسلام.
ثمّ قال فيها : ايها الناس انّي تارك فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر كتاب الله عزّ وجلّ ، طرف بيد الله عزّ وجلّ وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير انّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كاصبعي هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين سبّابتيه والوسطى ـ فتفضل هذه
__________________
(١) يونس : ١٥.
(٢) الفتح : ١.