على هذه.
قال مصنف كتاب النشر والطي : فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمّد ان يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج منهم أربعة ودخلوا إلى مكّة ، ودخلوا الكعبة وكتبوا فيما بينهم : ان أمات الله محمّدا أو قتل لا يردّ هذا الأمر في أهل بيته ، فانزل الله تعالى : « أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ » (١).
أقول : فانظر هذا التدريج من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والتلطّف من الله جلّ جلاله في نصّه على مولانا عليّ صلوات الله عليه ، فأوّل امره بالمدينة قال سبحانه : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) (٢) ، فنصّ على انّ الأقرب إلى النّبي صلوات الله عليه أولى به من المؤمنين والمهاجرين ، فعزل جلّ جلاله عن هذه الولاية المؤمنين والمهاجرين ، وخصّ بها أولى الأرحام من سيّد المرسلين.
ثم انظر كيف نزل جبرئيل بعد خروجه عليهالسلام إلى مكّة بالتعيين على عليّ عليهالسلام ، فلمّا راجع النبيّ صلوات الله عليه وأشفق على قومه من حسدهم لعلي عليهالسلام ، كيف عاد الله جلّ جلاله وأنزل ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (٣) ، وكشف عن علي عليهالسلام بذلك الوصف ، ثمّ انظر كيف مال النبي صلىاللهعليهوآله إلى التوطئة بذكر أهل بيته بمنى ، ثم عاد ذكرهم في مسجد الخيف.
ثم ذكر صاحب كتاب النشر والطي توجّههم إلى المدينة ومراجعة رسول الله مرّة بعد مرّة لله جلّ جلاله ، وما تكرّر من الله تعالى إلى رسول الله في ولاية عليّ عليهالسلام ، قال حذيفة : واذّن النبي صلىاللهعليهوآله بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا.
ثم قال صاحب كتاب النّشر والطيّ : فنزل جبرئيل على النبي عليهماالسلام بضجنان (٤) في حجّة الوداع بإعلان علي عليهالسلام.
__________________
(١) الزخرف : ٧٩ ـ ٨٠.
(٢) الأنفال : ١٥.
(٣) المائدة : ٥٥.
(٤) الضجن : واد فى بلاد هذيل بتهامة ، أسفله لكنانة ، على ليلة من مكة.