ثم قال صاحب الكتاب : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نزل الجحفة ، فلمّا نزل القوم وأخذوا منازلهم ، فأتاه جبرئيل عليهالسلام فأمره أن يقوم بعليّ عليهالسلام وقال : يا ربّ انّ قومي حديثو عهد بالجاهليّة فمتى افعل هذا يقولوا : فعل بابن عمّه.
أقول : وزاد في الجحفة ، أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتاب الدراية ، فقال بإسناده من عدّة طرق إلى عبد الله بن عباس قال :
لمّا خرج النبي صلىاللهعليهوآله في حجّة الوداع ، فنزل جحفة أتاه جبرئيل عليهالسلام فأمره أن يقوم بعلي عليهالسلام قال : ألستم تزعمون انّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره ، وأعن من عانة ، قال ابن عباس : وجبت والله في أعناق الناس.
أقول : وسار النبي صلىاللهعليهوآله من جحفة.
قال مسعود السجستاني في كتاب الدراية بإسناده إلى عبد الله بن عباس أيضا قال :
أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ان يبلّغ ولاية علي عليهالسلام ، فأنزل الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. ) (١).
يقول رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس أمدّه الله بعناياته وأيّده بكراماته :
اعلم انّ موسى نبيّ الله راجع الله تعالى في إبلاغ رسالته وقال في مراجعته ( إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ) (٢) ، وانّما كان قتل نفسا واحدة ، وامّا علي بن أبي طالب ، فإنّه كان قد قتل من قريش وغيرهم من القبائل قتلي كلّ واحد منهم.
يحتمل مراجعة النبي صلىاللهعليهوآله لله جلّ جلاله في تأخير ولاية مولانا علي عليهالسلام وترك إظهار عظيم فضله وشرف محله ، وكان النبي شفيقا على أمّته كما
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) القصص : ٣٣.