يا هذا استأنف العمل عملا جديدا فقد غفر لك ما مضى وما تقدّم من ذنوبك والجليل عزّ وجلّ يقول : لو كان ذنوبك عدد نجوم السماء وقطر الأمطار وورق الأشجار وعدد الرّمل والثرى وأيّام الدّنيا لغفرتها لك وما ذلك على الله بعزيز بعد صيامك شهر شعبان (١).
فصل (٨٩)
فيما نذكره ممّا يختم به شهر شعبان
اعلم اننا ذكرنا في الجزء الخامس عند عمل كلّ شهر ما لا غنى لمن يريد مراقبة الله جل جلاله عنه ، وروينا اخبارا ان عمل كل شهر يرفع إلى الله جل جلاله في آخر خميس منه ، فينبغي الاجتهاد في آخر خميس من شعبان في تطهير سرائرك الّتي هي عيار الأعمال في الزّيادة والنقصان والأعمال بالنيّات وتستدرك فارطها وتتمّ نقصانها بغاية الإمكان وتعرضها مع ما يصل الجهد إليه عرض الخائف من ردّها عليه.
فان لم يكن في أعمالنا الاّ ان نشاطنا لمطالبنا الدنيويّة واشتغالنا بشهواتها الطبيعيّة أرجح من مهمّات الله جلّ جلاله ومن مراداته وفرحنا بقضاء حاجتنا الفانية أكثر من سرورنا بخدمة الله عزّ اسمه وطاعاته ، وهذا سقم ظاهر لا ريب فيه وبعيد ان تخلو الأعمال من دواهيه.
ويكون تسليم عملك آخر يوم خميس من شعبان إلى الّذين تعرض عليهم الأعمال في ذلك اليوم ثواب الرحمن ويسلّمها إليهم ، تسليم ضيفهم وعبدهم وضيعة رفدهم ورعيتهم الهارب من نفسه وهواه ومن عدل مولاه إلى الدخول في ظلّهم والتمسك بأذيال مجدهم وفضلهم.
ومع عرض الأعمال آخر خميس من هذا الشهر كما ذكرناه ، فلا بدّ ان تعرضها في اجزاء الشهر عرضا آخر ، بالاستظهار الذي حرّرناه ، فلقد قدمنا في الجزء الأول من هذا
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٣٠ ، ثواب الأعمال : ٨٧ ، عنهما البحار ٩٧ : ٧٠.