الّذي يعمل بقوله في ذلك ويعتمد عليه ، فصم شاكراً وكن لفضل الله عزّ وجلّ ناشراً ولأيّامه المعظمة ذاكراً ، فإنّه جلّ جلاله أراد الاذّكار بأيّامه من المخلصين لله ، فقال : ( وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ ) (١).
فصل (١)
فيما نذكره عن يوم ثامن وعشرين من محرم
اعلم انّ في مثل هذا يوم ثامن وعشرين محرّم ، وكان يوم الاثنين سنة ستّ وخمسين وستّمائة فتح ملك الأرض زيدت رحمته ومعدلته ببغداد ، وكنت مقيماً بها في داري بالمقيّدية ، وظهر في ذلك تصديق الاخبار النبوية ومعجزات باهرة للنبوّة المحمّديّة ، وبتنا في ليلة هائلة من المخاوف الدنيويّة.
فسلّمنا الله جلّ جلاله من تلك الأهوال ولم نزل في حمى السلامة الإلهية وتصديق ما عرفناه من الوعود النبويّة ، الى ان استدعاني ملك الأرض إلى دركاته المعظّمة ، جزاه الله بالمجازاة المكرّمة في صفر وولاّني على العلويّين والعلماء والزّهاد ، وصحبت معي نحو الف نفس ، ومعنا من جانبه من حمانا ، الى ان وصلت الحلّة ظافرين بالآمال.
وقد قررت مع نفسي انّني أصلّي في كلّ يوم من مثل اليوم المذكور ركعتي الشكر للسّلامة من ذلك المحذور ولتصديق جدّنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله فيما كان أخبر به من متجدّدات الدهور ، وأدعو لملك الأرض بالدعاء المبرور ، وفي ذلك اليوم زالت دولة بني العباس كما وصف مولانا علي عليهاالسلام زوالها في الاخبار التي شاعت بين الناس.
وينبغي ان يختم شهر محرّم بما قدّمناه من خاتمة أمثاله ، ونسأل الله تعالى ان لا يخرجنا من حماه عند انفصاله ، وهذا الفصل زيادة في هذا الجزء بعد تصنيفه في التاريخ الّذي ذكرناه.
__________________
(١) إبراهيم : ٥.