التّجويع والإرهاب ، والخداع والتّزوير ؛ ممّا أدّى إلى انكشاف حقيقته للاُمّة من جهة ، في حين أنّها كانت قد ابتليت بداء موت الضّمير ، وداء فقدان الإرادة من جهة اُخرى ، وهكذا استيقظت الاُمّة من سُباتها ، وزال شكّها بحقّانية خطّ أهل البيت عليهمالسلام ، بعد أن ارتفع جهلها بحقيقة الاُمويّين ، ولكنّها لم تقوَ على مقارعة الظّلم والظّالمين ، وأصبحت كما قال الفرزدق للإمام الحسين عليهالسلام حين كان متوجّهاً إلى العراق ومستجيباً لدعوة الكوفيين : قلوبهم معك وسيوفهم عليك.
ومن هنا تأكّد الموقف الشّرعي للإمام الحسين عليهالسلام بعد أن توفّرت كلّ الظّروف اللازمة للقيام في وجه الاُمويّين الجّاهليّين ، بينما لم تكن النّهضة مفيدة للاُمّة في حالة الابتلاء بمرض الشكّ والترديد التي كانت تعاني منه في عصر الإمام الحسن السّبط عليهالسلام. لقد تمّت الحجّة على الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام حينما راسله أهل العراق ، وطلبوا منه التّوجّه نحوهم ، بعد أن أخرجوا عامل بني اُمية من الكوفة وتمرّدوا على الاُمويّين ، حيث كان هذا أحد مظاهر رجوع الوعي إلى عامّة شيعة أهل البيت عليهمالسلام.
فاستجاب الإمام الحسين عليهالسلام لطلبهم ، وتحرّك نحوهم بالرغم من علمه بعدم ثباتهم ، وضعف إرادتهم أمام إغراءات الحاكمين واضطهادهم وإرهابهم ؛ وذلك لأنّه كان لا بدّ له من معالجة هذا المرض الجديد الّذي يؤدّي باستشرائه إلى ضياع معالم الرسالة ، وفسح المجال لتحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة ، وإعطاء المشروعية لمثل حكم يزيد وأضرابه من الجّاهليّين الذين تستّروا بستار الشّريعة الإسلاميّة لضرب الشّريعة وتمزيقها.
* ـ وبعد أن استجمعت ثورة الإمام الحسين عليهالسلام كلّ الشّروط اللازمة