غير أساس ، ومن ثم وقع الإشكال في جلّ مسائله والالتباس ، ولو كانت أدلته مما يفيد القطع ـ كما يدّعونه ـ لما انتشر فيه الخلاف كما لا يخفى على ذوي الإنصاف ، على أنه لو ثبت دليل شرعي على اشتراط القطع في الاصول لوجب تخصيصه بالاصول الكلامية والعقائد الدينية ؛ إذ هي المطلوب فيها ذلك بلا خلاف دون هذه التي لم يرد لها أصل في الشريعة ، وإنما هي من محدثات العامة ومخترعاتهم ، كما حقّقناه في محل أليق.
وأما الثاني ، فلما صرّح به جمّ غفير من علمائنا ـ رضوان الله عليهم ـ متقدّميهم ومتأخريهم ، ولا سيّما هذا القائل نفسه في كتاب (المعتبر) (١) وكذا في كتابه في (الاصول) (٢) ، بل الظاهر أنه إجماعي كما أدّعاه غير واحد (٣) منهم من حجيّة خبر الواحد والاعتماد عليه. وعلى ذلك يدلّ من الأخبار ما يضيق عن نشره نطاق البيان ، وما سبق إلى بعض الأوهام من تناقض كلام الشيخ رحمهالله في العمل بخبر الواحد ، ودعوى المرتضى الاجماع على عدم (٤) جواز العمل به ، فهو توهّم نشأ عن قصور التتبع في كلامهم والتطلّع في نقضهم ، وابرامهم كدلالة كلام الشيخ رضياللهعنه في غير موضع من كتبه على صحّة أخبارنا واعتضادها بالقرائن الملحقة لها بالمتواتر.
وأن المراد بالخبر الواحد الممنوع من جواز التعبّد به : هو ما كان من طريق المخالفين مما لم تشتمل عليه اصولنا التي عليها مدار شريعتنا قديما وحديثا.
وكلامه قدسسره في كتاب (العدة) (٥) طافح الدلالة ظاهر المقالة فيما ذكرناه.
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢٩.
(٢) معارج الاصول : ١٤١.
(٣) في «ح» : غيره ، بدل : غير واحد.
(٤) من «ح».
(٥) العدّة في اصول الفقه ١ : ١٢٦.