قبيل الخيال الباطل) (١) انتهى.
وقال شيخنا المفيد ـ عطر الله مرقده ـ على ما نقله عنه الكراجكي رحمهالله في كتاب (كنز الفوائد) ما ملخصه : والرؤيا في المنام تكون من أربع جهات :
أحدها : حديث النفس بالشيء والفكر فيه حتى يحصل كالمنطبع في النفس ، فيخيّل إلى النائم ذلك بعينه وأشكاله ونتائجه ، وهذا معروف بالاعتبار.
والجهة الثانية : من الطباع ، و [ما] يكون من قهر بعضها لبعض ، فيضطرب له المزاج ويتخيل لصاحبه ما يلائم ذلك الطبع الغالب من مأكول ومشروب ومرئيّ وملبوس ومبهج ومزعج. وقد نرى تأثير الطبع (٢) في اليقظة والشاهد حتى إن من غلبت عليه الصفراء يصعب عليه الصعود إلى المكان العالي ؛ يتخيل له وقوعه منه ، ويناله من الهلع والجزع ما لا ينال غيره. ومن غلبت عليه السوداء يتخيل له أنه قد صعد في الهواء وناجته الملائكة ويظن صحة ذلك ، حتى إنه ربما اعتقد في نفسه النبوّة وأن الوحي يأتيه من السماء ، وما أشبه ذلك.
والجهة الثالثة : ألطاف من الله عزوجل لبعض خلقه من تنبيه وتيسير ، وإعذار وإنذار ، فيلقي [في روعه] (٣) ما ينتج له تخييلات امور تدعوه إلى الطاعة والشكر على النعمة ، وتزجره عن المعصية وتخوّفه الآخرة ، ويحصل له بها مصلحة وزيادة وفائدة فكر يحدث له معرفة (٤).
والجهة الرابعة : أسباب من الشيطان ووسوسة يفعلها للإنسان يذكره بها امورا تحزنه وأسبابا تغمّه فيما لا يناله ، أو يدعوه إلى ارتكاب محظور يكون فيه عطبه ، أو تخيل شبهة في دينه يكون منها هلاكه. وذلك مخصوص بمن عدم التوفيق
__________________
(١) شرح المواقف ٦ : ١١١ ـ ١١٢.
(٢) في «ح» بعدها : الغالب.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : من روحه.
(٤) في «ح» : معرفته.