فالجواب عن ذلك ممكن إجمالا وتفصيلا :
أما الأول ، فلأن المسألة من الاصول المنوطة بالقطع والعلم عندهم دون الظن ، والأخبار المذكورة لا تخرج عن حيز الآحاد الذي قصاراه الظن عندهم ، فلا يتم الاستدلال.
وأما الثاني ، فأما عن الخبر الأول :
فأوّلا : أن غاية ما يستفاد منه كون الإجماع مرجّحا لأحد الخبرين على الخبر عند التعارض ، وهو ممّا لا نزاع فيه ، إنما النزاع في كونه دليلا مستقلا برأسه ، والخبر لا يدل عليه.
وثانيا : فإن ظاهره بل صريحه كون الإجماع في الرواية ، وهو ممّا لا نزاع فيه لا في الفتوى ، كما هو المطلوب بالاستدلال ، والذي فيه الدعوى.
وأما عن الأخيرين فيمكن :
أولا : الحمل على كون الاستدلال جدليا إلزاميا للخصم القائل بجواز الرؤية بالإجماع الذي يعتقد حجيته على ما ينافي مدّعاه من جوازها.
وثانيا : بأنه على تقدير دلالتهما على الحجية في الجملة فلا دلالة لهما على العموم في الامور العقلية والنقلية ؛ إذ متعلق الاستدلال هنا الامور العقلية.
والجواب أنه (لا قائل بالفرق) مردود بأن اللازم من ذلك الاستدلال بفرع من فروع الحجية : الإجماع قبل ثبوت أصل حجيّته. على أن المفهوم من رسالة الصادق عليهالسلام التي كتبها لشيعته وأمرهم بتعاهدها والعمل بما فيها ، المروية في أول روضة (الكافي) بأسانيد ثلاثة أن أصل الإجماع من مخترعات العامة ، حيث قال عليهالسلام : «وقد عهد إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل موته فقالوا : نحن بعد ما قبض الله تعالى رسوله ليسعنا أن نأخذ ما أجمع عليه رأي الناس بعد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله».