يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، ثم ردّه عليه ، فهو جاهل بأن مثل هذا الثوب الذي هو مظنة النجاسة ، هل هو ممّا يجب التنزّه عنه في الصلاة وغيرها ممّا يشترط فيه الطهارة أو لا؟ فهو جاهل بالحكم الشرعي مع أنه عليهالسلام قرر في الجواب قاعدة كلية ، بأنه ما لم تعلم النجاسة فهو طاهر) (١) ، مردود بأن الجهل بالحكم الشرعي في المثال المذكور ونحوه تابع للجهل بوصول النجاسة.
ولمّا دل الخبر المذكور وغيره على البناء على أصالة الطهارة وعدم الالتفات إلى احتمال ملاقاة النجاسة أو ظنها بإعارة الثوب مثلا علم منه قطعا جواز الصلاة فيه ؛ تحقيقا للتبعية. ومحلّ الإشكال والنزاع إنما هو الدلالة على الحكم الشرعي ابتداء ، كما لا يخفى.
الثاني : أن ظاهر هذا الخبر المذكور أنه لا تثبت النجاسة للأشياء ولا تتّصف بها إلّا بالنظر إلى علم المكلف ، لقوله عليهالسلام : «فإذا علمت فقد قذر» ، بمعنى أنه ليس التنجيس عبارة عن (٢) مجرد ملاقاة عين النجاسة لشيء واقعا بل ما كان كذلك وعلم به المكلّف ، وكذلك ثبوت النجاسة لشيء (٣) ، إنّما هو عبارة عن حكم الشارع بأنه نجس وعلم المكلف بذلك.
وهو خلاف ما عليه جمهور أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ فإنهم حكموا بأن المتنجس إنما هو عبارة عمّا لاقته النجاسة واقعا وإن لم يعلم به المكلف ، وفرّعوا عليه بطلان صلاة المصلّي في النجاسة جاهلا وإن سقط الخطاب عنه ظاهرا ، كما نقله عنهم شيخنا الشهيد الثاني في (شرح الألفية). وأنت خبير بما فيه من العسر والحرج ، ومخالفة ظواهر الأخبار الواردة عن العترة الأبرار : أما أولا ، فلأن المعهود من الشارع عدم إناطة الأحكام بالواقع ونفس الأمر ؛
__________________
(١) الوافية في اصول الفقه : ٢١٥.
(٢) من «ح».
(٣) بل ما كان كذلك .. لشيء ، سقط في «ح».