لاستلزامه التكليف بما لا يطاق. وحينئذ ، فالمكلف إذا صلى في ثوب طاهر بحسب علمه ـ والطاهر شرعا إنّما هو ما لم يعلم المكلف بنجاسته لا ما علم بعدمها ـ فما الموجب لبطلان صلاته بعد امتثاله الأمر الذي هو مناط الصحة ومعيارها؟! وأما ثانيا ، فلما أورده شيخنا المشار إليه عليهم في الكتاب المذكور ، حيث قال ـ بعد نقل ذلك عنهم ـ : (ولا يخفى ما فيه من البلوى ، فإن ذلك يكاد يوجب فساد جميع العبادات المشروطة بالطهارة ؛ لكثرة النجاسات في نفس الأمر وإن لم يحكم الشارع ظاهرا بفسادها. فعلى هذا لا يستحق عليها ثواب الصلاة وإن استحق أجر الذاكر المطيع بحركاته وسكناته إن لم يتفضل الله تعالى بجوده) (١) انتهى.
وأما ثالثا ، فلمخالفته ظواهر الأخبار ، ومنها الخبر المذكور ، ومنها رواية محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي ، قال : «لا يؤذنه حتى ينصرف» (٢).
ورواية عبد الله بن بكير المرويّة في (قرب الإسناد) قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلّى فيه وهو لا يصلّي فيه ، قال : «لا يعلمه». قلت : فإن أعلمه؟ قال : «يعيد» (٣).
وحينئذ ، فلو كان الأمر كما يدّعونه من كون وصف النجاسة إنما هو باعتبار الواقع ونفس الأمر ، وأن صلاة المصلي والحال كذلك باطلة واقعا ، فكيف يحسن
__________________
(١) المقاصد العليّة : ٢٩٢.
(٢) الكافي ٣ : ٤٠٦ / ٨ ، باب الرجل يصلّي في الثوب .. ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٨٧ ، أبواب النجاسات ، ب ٤٧ ، ح ١.
(٣) قرب الاسناد : ١٦٩ / ٦٢٠ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٨٨ ، أبواب النجاسات ، ب ٤٧ ، ح ٣.