الشكّ في الوضوء بذلك ، وعلّله في (الذكرى) بدفع العسر والحرج ، وأيّده في (المدارك) بقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة وأبي بصير [الواردتين] (١) فيمن كثر شكّه في الصلاة بعد أن أمر بالمضي في الشك : «لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ؛ فإن الشيطان خبيث معتاد لما عوّد» (٢) ، قال : (فإن ذلك بمنزلة التعليل بوجوب المضي في الصلاة ، فيتعدى إلى غير المسؤول عنه) (٣) انتهى.
أقول : ويؤيده أيضا ظاهر صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : رجل مبتلى بالوضوء والصلاة ، وقلت : هو رجل عاقل؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟». فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال : «سله هذا الذي يأتيه من أي شيء هو ، فإنّه يقول لك : من عمل الشيطان» (٤). فإن الظاهر أن ابتلاءه بذلك باعتبار كثرة الشكّ في أفعال الوضوء والصلاة.
وأما ما ذكره الفاضل المحقّق الملّا محمد صالح المازندراني قدسسره في (شرح الاصول) (٥) من حمله على ما يشمل الوسواس في النية ، فظني أنه بعيد غاية البعد ؛ لأن النية في الصدر السابق ليست على ما يتراءى الآن من صعوبة الإتيان بها ، ولهذا لم يجر لها ذكر في كلام السلف ولا في الأخبار ، كما أوضحناه في جملة من مصنّفاتنا على وجه واضح المنار ساطع الأنوار ، والوساوس فيها إنما حدثت بما أحدثه المتأخّرون من البحث فيها وفي قيودها والمقارنة بها ونحو ذلك.
ومنها في البيض المجهول أن يؤكل منه ما اختلف طرفاه دون ما استويا
__________________
(١) في النسختين : الواردة.
(٢) الكافي ٣ : ٣٥٨ / ٢ ، باب من شكّ في صلاته .. ، وسائل الشيعة ٨ : ٢٢٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٦ ، ح ٢.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٥٧.
(٤) الكافي ١ : ١٢ / ١٠ ، وسائل الشيعة ١ : ٦٣ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ١٠ ، ح ١.
(٥) شرح الكافي ١ : ٩٥.