هذا الخبر إنما اريد به النائب عنهم عليهمالسلام المتصدّر (١) للجلوس في مقامهم والمتصدّي للقيام بأحكامهم.
ومخرج الخبر وإن كان في مقام التعريض بعلماء العامة المتصدّين لذلك المقام ، إلّا إنه شامل أيضا لغيرهم وعامّ. وجميع ما ذكره شيخنا المتقدم قدسسره هنا من عظم الخطب واختلال النظام ، ونحو ذلك من الكلام (٢) ، فلا ورود له في المقام ؛ لما ذكرنا من الاختصاص بذلك الفرد المذكور ، ولزوم صعوبة الأمر بالنسبة إلى القضاء والفتوى اللذين هما من خواص النائب المذكور لا يوجب طعنا في الخبر ؛ فإنه إنما نشأ من المكلفين بإخلالهم بما اخذ عليهم في الجلوس في هذا المجلس الشريف والمحل المنيف ، فإنه مجلس النبوّة والإمامة ، وبيت الإيالة والكرامة ، والمقام مقام خطير ، ومنصب كبير ، كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
وكفاك في ذلك قول الأمير ـ صلوات الله عليه ـ : «يا شريح ، جلست مجلسا لا يجلسه إلّا نبي أو وصيّ نبيّ أو شقي» (٣).
فإن قلت : إن هذا الحديث غير معمول على ظاهره ، لما علم من إذنهم عليهمالسلام لعلماء شيعتهم في القيام بهذا المقام ، وتنفيذ القضايا والأحكام.
قلنا : نعم ، الأمر كذلك ، ولكن ذلك لا يقتضي منع الحصر في الثلاثة بزيادة رابع ، بل إنما يكون بالتجوّز في إطلاق الوصيّ على النائب المشار إليه ، وكفاك فيمن يطلق عليه هذا اللفظ ولو مجازا أنه لا بدّ من معرفته بالاتّصاف بأوصاف المنوب عنه حسب القدرة والمكنة من العلم والعمل وتهذيب الباطن من رذائل الأخلاق ، والتحلي بالكمالات الموجبة لرضا الخلّاق ، فكما أنه لا بدّ في الحكم بإمامة
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) في «ح» بعدها : فهو نفخ في غير ضرام.
(٣) الكافي ٧ : ٤٠٦ / ٢ ، باب أن الحكومة إنما هي للإمام عليهالسلام ، الفقيه ٣ : ٤ / ٨ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٣ ، ح ٢.