رضاه بالعلوم الرسميّة وإغفاله [إصلاح] (١) نفسه وإرضاء ربّه تبارك وتعالى.
وغرور من هذا شأنه يظهر لك من حيث العلم ، ومن حيث العمل.
أمّا العمل فقد ذكرنا وجه الغرور فيه ، وأن مثاله مثال المريض إذا تعلم نسخة الدّواء واشتغل بتكراره وتعليمه ، لا بل مثاله مثال من به علة البواسير والبرسام (٢) وهو مشرف على الهلاك يحتاج إلى تعلم الدّواء واستعماله ، فاشتغل بتعلّم دواء الحيض أو الاستحاضة ، وتكرار ذلك ليلا ونهارا ، مع علمه بأنه رجل لا يحيض ولا يستحيض ، ولكنه يقول : ربما تقع علة الحيض أو الاستحاضة لامرأة وتسألني عنه ، وذلك غاية الغرور ، حيث ترك تعلم الدواء النافع لعلته مع استعماله ، ويشتغل بما ذكرناه.
كذلك هذا [المتفقة] (٣) المسكين قد تسلط عليه اتّباع الشهوات ، والإخلاد إلى الأرض ، والحسد والرياء ، والغضب والبغضاء ، والعجب بالأعمال التي يظنّها من الصالحات ، ولو فتش عن باطنها وجدها من المعاصي الواضحات ، فليلتفت إلى قوله صلىاللهعليهوآله : «أدنى الرياء شرك» (٤) ، وإلى قوله صلىاللهعليهوآله : «لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال من الكبر» (٥) ، وإلى قوله صلىاللهعليهوآله : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» (٦) ، وإلى قوله صلىاللهعليهوآله : «حبّ المال والشرف ينبتان النفاق كما ينبت الماء البقل» (٧) ، إلى غير ذلك من الأخبار المدوّنة في أبواب هذه المهلكات.
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : لصلاح.
(٢) البرسام ـ بفتح الباء وكسرها ، ويسمى الجرسام ـ : ورم يعرض للحجاب الذي يقع بين المعدة والكبد ، أو بين القلب والكبد. موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ١ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ـ البرسام.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : الفقير.
(٤) إحياء علوم الدين ٣ : ٢٩٤.
(٥) الكافي ٢ : ٣١٠ / ٦ ، باب الكبر.
(٦) بحار الأنوار ٧٠ : ٢٥٧ / ٣٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٧٦ / ٤٩٠٣.
(٧) بحار الأنوار ٧٢ : ٢٠٥ ، إحياء علوم الدين ٣ : ٢٧٨.