قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة ، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ، ألا ترى الخضر عليهالسلام لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى عليهالسلام فعله ، لا شتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي ، هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه ، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلاّ قتل (١).
وروي أنه قال عليهالسلام أيضاً لما عاتبه بعضهم : ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معز المؤمنين ، إني لما رأيتكم ليس بكم عليهم قوة سلمت الأمر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم ، كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها وكذلك نفسي وأنتم لنبقى بينهم (٢).
وعن أبي العريف قال : كنا في مقدمة الحسن بن علي عليهالسلام اثني عشر ألفا مستميتين حرصاً على قتال أهل الشام ، فلما جاء الحسن الكوفة أتاه شيخ منا يُكنى أبا عمر وسفيان بن أبي ليلى فقال : السلام عليك .. فقال عليهالسلام : لا تقل يا أبا عمرو ، فإني لم أذل المؤمنين ، ولكن كرهت أن أقتلهم في طلب الملك. خرجه أبو عمر (٣).
وعن جبير بن نفير قال : قدمت المدينة فقال الحسن بن علي عليهالسلام : كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ، ويحاربون من حاربت ، فتركتها
__________________
١ ـ علل الشرائع ، الصدوق : ١/٢١١ ح ٢ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٤٤/١ ح ٢.
٢ ـ تحف العقول ، ابن شعبة الحراني : ٣٠٨ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٧٥/٢٨٧.
٣ ـ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : ١٣٩ ، تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي : ١٠/٣٠٥ ، المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ٣/١٧٥ ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ١٣/٢٧٩ ، تهذيب الكمال ، المزي : ٦/٢٥٠.