فتبسّم خالي قائلا : أما زلت في حيرة من أمرك ، فإنّ الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكلِّفاك باتّباع أحد منهم ، وأنا أتحدَّى كل علماء السنة الماضين منهم والباقين أن يستدلُّوا بدليل واحد على وجوب تقليدهم ، فدعي عنك تلك الوساوس ، وتوجَّهي إلى أئمّة الهدى من آل البيت عليهمالسلام ، فهم موضع الحكمة والرسالة ، جعلهم الله لنا عصمة وملاذاً ، ألم يقل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني تارك فيكم ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي (١) .. ولم يقل : كتاب الله وأئمَّة المذاهب الأربعة.
فقاطعته قائلة : ولكن قال : ( كتاب الله وسنّتي ) ممَّا يفتح الباب واسعاً أمام اجتهاد الأمة.
خالي : أوَّلا : إنّ حديث : كتاب الله وسنّتي غير صحيح فلم يروه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي وكل الصحاح الستة ، فكيف نرتكز على حديث غير ثابت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهذا الحديث لم يروه إلاَّ مالك في الموطأ من غير سند ، فقد جاء في الموطأ أن مالك بلغه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( تركت فيكم كتاب الله وسنّتي ) (٢) ، فكيف ياترى بلغ مالكاً هذا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!! ومن المعلوم أن الفاصل بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومالك يحتاج فيه الحديث إلى سند طويل ، يعني : حدَّثني فلان عن فلان عن فلان عن الصحابي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا الحديث من غير سند ، ممَّا يعني أنه حديث في غاية الضعف.
__________________
١ ـ تقدَّمت تخريجاته في المناظرة الخامسة.
٢ ـ كتاب الموطأ ، مالك : ٢/٨٩٩ ح ٣ ، ولفظ الحديث : وحدَّثني عن مالك أنّه بلغه أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : تركت فيكم أمرين لن تضلُّوا ما مسكتم بهما : كتاب الله وسنّة نبيِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.