في وجوههم الشر.
فما كان منّي إلاّ أن أسرعت إلى البيت وأتيتهم بكتاب الموطأ للإمام مالك وصحيح البخاري ، وقلت : يا سيدي إنّ الذي بعثني على هذا الشك هو رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلمنفسه ، وفتحت كتاب الموطأ وفيه روى مالك أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لشهداء أحد : هؤلاء أشهد عليهم ، فقال أبو بكر الصديق : ألسنا يا رسول اللّه إخوانهم أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ، فقال رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم: بلى ولكن لا أدري ما تُحدثون بعدي! فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال : إنّنا لكائنون بعدك (١).
ثم فتحت صحيح البخاري وفيه : دخل عمر بن الخطاب على حفصة وعندها أسماء بنت عميس فقال ـ حين رآها ـ : من هذه؟ قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ، البحرية هذه ، قالت أسماء : نعم ، قال : سبقناكم بالهجرة فنحن أحقّ برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم منكم ، فغضبت وقالت : كلا واللّه ، كنتم مع رسول اللّه يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنّا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة ، وذلك في اللّه وفي رسوله ، وأيم اللّه لا أطعم طعاما ، ولا أشرب شرابا حتى أذكر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ونحن كنّا نؤذى ونخاف ، وسأذكر ذلك للنبي أسأله واللّه لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه!
فلمّا جاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : يا نبي اللّه ، عمر قال : كذا وكذا.
قال : فما قلت له. قالت : كذا وكذا.
قال : ليس بأحقّ بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل
__________________
١ ـ كتاب الموطأ ، مالك : ٢/٤٦١ ـ ٤٦٢ ح ٣٢ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١٥/٣٨.