السفينة هجرتان ، قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم ما في أنفسهم ممّا قال لهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وبعد ما قرأ الشيخ العالم والحاضرون معه الأحاديث تغيّرت وجوههم وبدأوا ينظرون بعضهم إلى بعض ، ينتظرون ردّ العالم الذي صُدم ، فما كان منه إلاّ أن رفع حاجبيه علامة التعجّب وقال : ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ) (٢).
فقلت : إذا كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أوّل من شكّ في أبي بكر ولم يشهد عليه لأنّه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده ، وإذا كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقرّ بتفضيل عمر بن الخطّاب على أسماء بنت عميس بل فضّلها عليه ، فمن حقّي أن أشك وأن لا أفضّل أحدا حتى أتبيّن وأعرف الحقيقة ، ومن المعلوم أنّ هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها ، لأنّهما أقرب من أحاديث الفضائل المزعومة.
قال الحاضرون : وكيف ذلك؟
قلت : إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يشهد على أبي بكر ، وقال له إنّني لا أدري ماذا تحدثون بعدي! فهذا معقول جداً ، وقد قرّر ذلك القرآن الكريم ، والتاريخ يشهدأنّهم بدّلوا بعده ، ولذلك بكى أبوبكر، وقدبدّل وأغضب فاطمة الزهراء عليهاالسلامبنت الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم، وقدبدّل حتى ندم قبل وفاته(٣) وتمنى أن لا يكون بشرا.
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٥/٨٠ ، صحيح مسلم : ٨/١٧٢ ـ ١٧٣ ، السنن الكبرى ، النسائي : ٥/١٠٤.
٢ ـ سورة طه ، الآية : ١١٤.
٣ ـ روى اليعقوبي وغيره أن أبا بكر قال عند موته : وليتني لم افتش بيت فاطمة عليهاالسلام بنت رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم