وفى هذا تعريض باليهود المداهنين الصادّين عن سبيل الله.
٧ ـ (وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) أي ويعملون صالح الأعمال راغبين فيها غير متثاقلين علما منهم بجلالة موقعها ، وحسن عاقبتها ، وإنما يتباطأ الذين فى قلوبهم مرض ، كما وصف الله المنافقين بقوله : «وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ».
وهذه الصفة جماع الفضائل الدينية والخلقية ، وفى ذكرها تعريض باليهود الذين يتثاقلون عن ذلك.
وعبر بالسرعة ولم يعبر بالعجلة ، لأن الأولى التقدم فيما ينبغى تقديمه وهى محمودة ، وضدها الإبطاء ، والثانية التقدم فيما لا ينبغى أن يتقدم فيه ، ومن ثم قال عليه السلام «العجلة من الشيطان ، والتأنّى من الرحمن» وضدها : الأناة ، وهى محمودة.
٨ ـ (وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي وهؤلاء الذين اتصفوا بجليل الصفات من الذين صلحت أحوالهم ، وحسنت أعمالهم ، فرضيهم ربهم ، وفى هذا رد على اليهود الذين قالوا فيمن أسلم منهم : ما آمن بمحمد إلا شرارنا ، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره.
والوصف بالصلاح هو غاية المدح ، ونهاية الشرف والفضل ، فقد مدح الله به أكابر الأنبياء كإسماعيل وإدريس وذى الكفل فقال : «وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ» وقال حكاية عن سليمان : «وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ».
ولأنه ضد الفساد ، وهو ما لا ينبغى فى العقائد والأفعال ، فهو حصول ما ينبغي فى كل منهما ، وذلك منتهى الكمال ، ورفعة القدر ، وعلوّ الشأن.
(وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) أي وما يفعلوا من الطاعات فلن يحرموا ثوابه ولن يستر عنهم كأنه غير موجود.
ولما سمى الله إثابته للمحسنين شكرا فى قوله : «فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً»